حيّان نيّوف | كاتب وباحث سوري
الحديث عن ضغوط تمارس على نظام السيسي من قبل السعودية لا يمكن أخذها على محمل الجدّ ، أو على الأقل على محمل التأثير الفعلي . كما أن ادّعاء بعض الإعلام المحسوب على جوقة النظام المصري بأن السيسي رفض المشاركة في “عملية عسكرية ضد إيران” لا يخرج عما تعودنا عليه من ادعاء للبطولات الفارغة التي لم تعد تنطلي على أحد ..
• إن مجرد الحديث عن ضربة كبرى ضد إيران هو كلام فارغ ، لأن هكذا قرار لا تستطيع الولايات المتحدة و لا حلفاؤها الإقليميين و لا الدوليين تحمل نتائجه الكارثية على كل المستويات ، وخاصة في ظل الصراع العالمي و الحرب الاوكرانية ..
• إن السعودية التي تسعى بسرعة و تسارع كبيرين وتحرق المراحل لحجز مقعد لها بين الكبار في العالم الجديد ( او هكذا تظن نفسها ) لا يمكن ان ترتكب تلك الحماقة التي من المؤكد أنها ستعيدها الى المربع الاول ما بين الإستنزاف المالي و التشدد الوهابي ..
• إن أوروبا التي تستجدي الحصول على مصادر طاقة بديلة بعد أن ورطتها الولايات المتحدة و بريطانيا في الحرب الاوكرانية وقطعت خطوط امدادها من روسيا ، لن تغامر بشريان الطاقة الاهم الآتي من الشرق الأوسط ، والذي يبقيها على قيد الإستقرار المرحلي ..
• إن بقية دول الخليج و على رأسها الإمارات والتي تمنّي النفس بلعب دور يحاكي الدور الاوروبي في العالم الجديد لن تغامر بوأد هذا الحلم في بدايته ..
• إن الكيان الصهيوني الذي يمرّ بمرحلة مفصلية تهدد وجوده لأسباب متنوعة داخلية وخارجية ، ويجد في اتفاقيات التطبيع الابراهيمية متنفسا له للخروج من مأزقه ولإعطائه هامشا للمناورة و البقاء ، لن يغامر بحرب غير محسوبة النتائج عليه و على من انتقل فعليا و علنيا لصفه ..
• إن نظام السيسي و كنتيجة طبيعية للخيارات الإستراتيجية التي ارتكبها على كافة المستويات ، والتي ترقى الى حد الخطيئة التي قزمت الدور التاريخي لمصر وحولتها الى تابع لدول اقليمية و دولية ، ليس لديه القدرة لمعارضة ما يصدر عن الدول التي تؤمن له الإنعاش الذي سيؤدي بمصر الى الهاوية إن تم قطعه ..
• ثم إن نظام السيسي الذي لا يجرؤ على تواصل مباشر مع سورية ، أو اتخاذ موقف اعلامي او سياسي واحد لاجلها ، كيف له أن يعارض قرارا يخص إيران ؟
• إن الولايات المتحدة و اسرائيل ، لا تفكران مرحليا بأية تغييرات مرحلية في مصر لاسباب عدة ، و لو قررتا ذلك فإنهما تستطيعان فعله بهدوء ، واقصد على مستوى القيادة المصرية ، من غير احداث اضطراب واسع او ضجة كبرى ..
• كل ذلك لا يعني أنه ليس هناك مخططا يستهدف مصر الدولة ، فالمخطط قائم منذ زمن بعيد و قطع اشواطا طويلة ، و لكنه لم يصل الى خاتمته في هذه المرحلة التي تقتضي بالنسبة لهم الحفاظ على الوضع الراهن ..
• والخلاصة ؛ هي ان ما يمكن تسميته ضغوطا تمارس على مصر من قبل السعودية او غيرها ، يرتبط ( إن كان موجودا ) بدفع مصر للتنازل عما تبقى من دورها في الإقليم لصالح السعودية ( وبالتالي اسرائيل ) ، أو إجبارها على التنازل عن أحد الملفات او المشاريع السيادية التي ما زالت مملوكة للدولة المصرية ( و بالتالي للشعب المصري ) ..
• وأخيرا ؛ إن الباب ما زال مفتوحا أمام مصر ( ومهما بلغت الصعوبات الناتجة عن ذلك ) إن أرادت تصحيح الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبت منذ عهد السادات والتي تسارعت في عهد السيسي ..