حيّان نيّوف | كاتب وباحث سوري
رئيس الوزراء الباكستاني “عمران خان” يصف جلسة تصويت البرلمان التي ستعقد لإسقاط حكومته بأنها محاولة لتغيير النظام بدعم من قبل الولايات المتحدة
تصريحات “عمران خان” تحمل رسالة إلى كل من “الصين و روسيا” بأن الولايات المتحدة تسعى لتغيير النظام ، وكانت الدولتان تعهدتا في بيان مشترك لهما بمقاومة تغيير الأنظمة من قبل الغرب ..
كان لافتا أيضا تصريحات أخرى لقائد الجيش الباكستاني ندد فيها بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا واصفا إياها بالعدوان ، وأكد على أهمية العلاقة مع واشنطن ..فيما اتهمت المعارضة “خان” بتخريب علاقة الباكستان مع دول الغرب واعتبرت ذلك مبررا لعزله ..
وكان “خان” زار موسكو بعيد انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا واعلن رفض بلاده لتطبيق عقوبات على روسيا كما رفض إقامة قواعد عسكرية أمريكية على أراضي باكستان ، واتهم الولايات المتحدة بتهديده ..
دخول قائد الجيش على خط الأزمة ، يوحي بأن البلاد من الممكن أن تشهد انقلابا ، أو تدخلا للجيش في الأحداث التي قد تتطور في الداخل الباكستاني ..
“عمران خان” ليس حليفاً لروسيا ، ولا حليفاً للصين ، هو فقط أراد التشبيك في ظلّ التحولات العالمية المتسارعة تحسّباً لما هو قادم ..
وكما قال خان “فإنه قام بذلك بالتنسيق مع الخارجية وقيادة الجيش” ، والدليل هو صفقات التسليح مع روسيا التي قبل بها الجيش الباكستاني ..الهند فعلت ذلك أيضاً ، وشبكت على نطاق واسع مع روسيا..وربما هذا ما دفع باكستان لتنويع التشبيك ..
اذاً ، مالذي جرى ؟!
ما حدث هو أن الولايات المتحدة ،وكما تحدثنا في مقالات سابقة ، عدّلت من استراتيجيتها ، ولم تعد ترغب بإنصاف مواقف أو ثلاثة أرباع مواقف من قبل حلفائها في ظل نتائج الحدث الأوكراني والذي عرّى الولايات المتحدة وأظهر مدى عدم قدرتها على المواجهة ، بل أكثر من ذلك ، فقد أدت هذه الحرب إلى اهتزاز عرش الهيمنة الأمريكية كليا وفرضت التحول نحو نظام عالمي جديد متعدد القطبية..
أردوغان هو الآخر مارس سياسة أنصاف وأرباع المواقف مع الولايات المتحدة أكثر بكثير من “عمران خان” ، السيسي أيضا فعل الأمر ذاته ولو بدرجة أقل .. الفرق هو أن أردوغان بدأ اللعب في توقيت ما قبل الحدث الأوكراني ونتائجه ،والسيسي استخدم سياسة الخطوة تجاه روسيا والعشر خطوات تجاه كل من “إسرائيل” والولايات المتحدة ..
القادم هو أن الهيستريا الأمريكية ستزداد ، وكما أشرنا سابقا فإن العبث الأمريكي سينتقل من دول الخصوم إلى الدول الحليفة ، وباكستان ليست سوى بداية ، ( تركيا ، ومصر و السعودية ..وغيرها ) مطلوب منها طاعة كاملة للأمريكي غير منقوصة وإلا ؟!!!!! ..
وإذا كانت سورية قد أسست لإطلاق شرارة الصراع العالمي نحو عالم جديد ، وإذا كانت أوكرانيا هي المؤشر الاول على ظهور النظام العالمي الجديد ، فإن باكستان هي الحلبة الأولى لهذا الصراع بعد أن بدأ يأخذ شكله الأولي ..
مفاجآت كثيرة منتظرة على المستوى العالمي ، وتحالف الشرق الذي انتقل الى استراتيجيا الهجوم لن يقف مكتوف الأيدي ، وربما وقع اختياره على جبهات جديدة ..