حيان نيوف | كاتب وباحث سوري
منذ وصول بايدن ومع بدء التحضير للأزمة الأوكرانية الجديدة ، كان التوجه الرئيسي للاعلام الغربي عموما والأميركي خصوصا ، منصبّ على قضايا المناخ وضرورة التحول للطاقة المتجددة والبديلة .. هذه السياسة الإعلامية كان الهدف منها إيهام العالم بإمكانية الاستغناء عن الغاز بشكل رئيسي تمهيدا لمواجهة كانت تعد لها إدارة بايدن مع روسيا بصفتها المنتج الاول للغاز في العالم .. واليوم وبعد أن حققت الولايات المتحدة غايتها بإشعال التوتر ، وبعد أن اصطدمت بالحزم الروسي في التعاطي مع الأزمة الأوكرانية ، باتت المواجهة تتطلب شيىا مختلفا ، خاصة أن أوروبا وهي المعني الاول بنقص إمدادات الغاز من روسيا باتت في ورطة ، والاميركي يقدم نفسه كمورد قادر على تعويض النقص الأوروبي في الإمدادات من الغاز ، وقادر على إلزام بعض المنتجين الذين يدورون في فلكه بتحويل إنتاجهم إلى أوروبا جزئيا أو كليا ، اضافة لذلك ، فقد أثبت الشرق تسارعا مذهلا في التحول إلى الطاقة المتجددة والبديلة ، وهو ما بدا واضحا في الإنتاج الصيني للسيارات الكهربائية ، والتحول الروسي نحو الطاقة الهيدروجينية ، وهذا ما شكل صدمة للغرب ، ولذلك نجد أن الإعلام ذاته ( الغربي والأمريكي ) بدأ الحديث عن خطر الطاقات المتجددة والبديلة على المناخ ، وذهب البعض إلى الشطح الإعلامي والعلمي بالقول “أن ألواح الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية أشد خطراً على البيئة والمناخ من تلك التي تعتمد الطاقة الاحفورية” .. وللدلالة على حجم التضليل والسخف واللعب بالعقول ، يكفي مثلا أن نعلم ما نشرته بعض الصحف البريطانية والأميركية وبسياق متزامن ومتشابه وادعت فيه أن ” الغزو الروسي للفضاء تسبب بغضب الفضائيين ( الكائنات الفضائية) والتي قامت بتأخير اول اتصال لها مع عالم البشر بسبب الرئيس الروسي بوتين” .. اليوم يطرح الأميركي إمكانية تزويد أوروبا بالغاز القطري إضافة إلى الغاز المسال الأمريكي ، وهذا ما أعلنت عنه الإدارة الأمريكية صراحةً ،وجرى استدعاء امير قطر إلى البيت الأبيض لهذه الغاية ، غير أن الأمر لا يتعلق بتعويض نقص الإمداد الأوروبية من الغاز الروسي وإيجاد بديل لها كما تحاول الولايات المتحدة تصوير الأمر ، فكل التقارير والدراسات أكدت أن كامل الغاز القطري (المسال) لا يمكنه تعويض الغاز الروسي الذي يتدفق إلى أوروبا والذي يشكل 40% من احتياجات القارة …ما تريده الولايات المتحدة هو أن تتوقف قطر عن تزويد اسيا وتحديدا الصين بالغاز والتسبب بأزمة غاز عالمية ينتج عنها ارتفاع الأسعار بشكل كبير للضغط والتأثير على النمو الاقتصادي الصيني ، بالإضافة إلى التحكم بسوق الغاز العالمي الذي تتحكم روسيا به الآن .. بوتين غدا في بكين ، والحديث يجري عن توقيع أكثر من 15 اتفاقية معها ، ومن ضمنها زيادة الإمدادات الروسية من الغاز للصين ، وتوقيع اتفاقية لإنشاء خط غاز اخر جديد بين البلدين عبر منغوليا .. لهذه الأهداف أرادوا الإطاحة بكازخستان ، ولهذه الأسباب حسم بوتين الملف الكازخستاني ، وبذات الغايات أوقفت الولايات المتحدة دعمها لمشروع غاز شرق المتوسط الإسرائيلي “إيست ميد”، وفي ذات الإطار يفاوضون إيران في فيينا ..الحرب الآن على الغاز الذي تحول الى السلاح الأكثر أهمية وتأثيرا في المواجهة .. ويبقى القول ؛ أن تركيا ومصر ستكونان في قلب اللعبة ، فكل من الدولتين تتبع للحلف الأمريكي وتخشى الغضب الروسي .. فتركيا في قلب الصراع على غاز شرق المتوسط وهي أرض عبور للغاز الأذربيجاني إلى أوروبا والروسي إلى البلقان واوروبا ، ومصر باعت كل قضاياها مقابل تحويلها إلى مركز إقليمي للغاز المسال ورفعت صادراتها الى أوروبا .