كتب حيان نيوف | الأسد في الامارات – القلب ما زال نابضا
حيان نيوف | كاتب وباحث سوري
“مقاطعة مصر إلى الأبد ليست في مصلحة العرب، وهذا لا يعني أننا أصبحنا نريد «كامب ديفيد»” هذا ما قاله الرئيس الراحل “حافظ الأسد” لدى سؤاله عن عودة العلاقات السورية-المصرية بعيد انقطاع دام سنوات طويلة بسبب اتفاقيات كامب ديفيد والزيارة التي قام بها السادات لفلسطين المحتلة .. مناسبة هذا الكلام ، هو التأكيد على البعد العربي في السياسة السورية ، بعيد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لدولة الإمارات .. بكل تأكيد ، ما زال الجرح السوري عميقا بفعل التآمر العربي على دمشق ، وما زالت آثار تلك المؤامرة المدمرة التي اشتركت فيها الأنظمة العربية ضد سورية كبيرة للغاية .. غير أن المرحلة التاريخية والمفصلية الحاسمة التي يمر بها العالم أجمع والتي سترسم شكل النظام العالمي الجديد لعقود قادمة ، تستدعي تواصلا عربيا-عربيا ، خاصة أن الأمة العربية كانت وما زالت ميدانا لكل صراع دولي .. انطلاقا من ذلك ، ولأن سورية هي الدولة العربية الوحيدة التي تجاهر بتحالفها مع محور الشرق الصاعد بقوة ليكون أهم الأقطاب في خارطة العالم الجديد ، وفي ظل انكفاء وتراجع محور الغرب وتمنعه عن دعم حلفائه كما جرى في أكثر من ميدان ، وفي ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم ،من أوكرانيا إلى فيينا ، وما سبقها في أفغانستان وكازخستان و قره باغ ، وقبلها في سورية والعراق وساحات ودول اخرى ..في ظل كل ذلك وجدت سورية نفسها في المكان والزمان اللذين يتيحان لها الحركة في اتجاهات عدة وعلى الأخص في اتجاه الدول الغربية التي تبحث عن طوق نجاة في ظل هذا العالم المضطرب والمتقلب ، فسورية بالنسبة لهم بوابة المحور الشرقي بكل مكوناته ، هذا المحور الذي يقدم نفسه على أنه الأكثر قدرة على توفير الأمن الاقتصادي والعسكري لمن يخرج من عباءة الغرب الذي اعتاد التخلي عن حلفائه وهو في أوج قوته ، فكيف به إذا كان يترنح ؟! “اذا المقاطعة إلى الابد ليست في مصلحة العرب وهذا لا يعني القبول باتفاقيات ابراهام” بالإضافة لما ذكرنا تمثل زيارة الرئيس الأسد للامارات،فرصة استثنائية لعودة العلاقات العربية العربية ، تمهيدا لحلحلة الكثير من الملفات التي طال انتظارها من اليمن إلى العراق ، ومن سورية إلى ليبيا ، ومن تونس إلى لبنان ، ومن السودان إلى سد النهضة ، وان قضية فلسطين يجب أن تعود للواجهة دون سواها .. غير أن الأهم من كل ذلك ، أن عودة الدور السوري إلى الساحة العربية ، يعني قبل كل شيء ، أن كيان العدو الذي اعتاد طوال السنوات السابقة أن يسرح ويمرح في بلاد العرب ويستفرد بهم الواحد تلو الآخر ، سيجد نفسه اليوم أمام مقاوم صلب يزاحمه في كل الساحات ويفوت عليه فرصة استكمال مخططاته ،وأن العديد من الدول العربية التي باتت تخشى فعلا من التراجع الأميركي على مستوى العالم ، يجب ألا تترك أمام خيار التحالف مع الكيان الصهيوني كبديل وحيد لا غنى لها عنه .. الأسد يعلن اليوم أن قلب العروبة ما زال نابضا وان نبضه سيسمع في عواصم العرب من مشرقها إلى مغربها ..