كتب حسّان الحسن | معطيات أمنية خطرة خلف تحريك ملف “النزوح”… المعارضة السورية: لا حل سياسي للأزمة… اجترحوا الحلول

حسّان الحسن | كاتب واعلامي لبناني

بعد مضي نحو أثني عشر عامًا ونيفٍ على بدء الحرب الكونية على سورية، التي نال لبنان فصولًا كبيرةً منها، بعدما تحولت بعض أراضيه إلى مقارٍ للتنظيمات التكفيرية المسلحة، التي استهدفت استقراره من شماله إلى جنوبه، مرورًا بجبل لبنان حتى البقاع، بالانتحاريين والسيارات الملغومة، وسط صمتٍ مطبقٍ للقوى المحلية التي تدّعي الحرص على سيادة لبنان. لا بل أكثر من ذلك، ذهبت هذه القوى إلى الدفاع عن وجود التنظيمات المذكورة، وتقديم الدعم المعنوي وسواه، وتنظيم الزيارات التفقدية لتجمعات المسلحين، كمخيم عرسال.

أضف إلى ذلك الحملة الإعلامية التي شنتها جماعة “لبنان أولًا” على وزير الدفاع الأسبق الراحل فايز غصن، الذي حذّر بدوره من وجود مقار للمسلحين الإرهابيين في لبنان، وذلك في بداية العام 2012. أما الفصل الأعنف من فصول الحرب المذكورة آنفًا، فتجلّى من خلال موجة النزوح السوري الكبيرة التي ضربت لبنان، وأنهكت اقتصاده، وبناه التحتية، وباتت تتهدد واقعه الديموغرافي، وسط صمتٍ رسميٍ، إن لم نقل تآمر، وبدعمٍ من “القوى السيادية”، التي ذهب بعضها بالدفاع عن هذا النزوح، وإبقاء النازحين في البلد، إلى حد القول: “إلا على دمنا ما بيرجعوا على سورية”.

واليوم، وبعد التقارب الإيراني- السعودي من جهة، والسوري- السعودي من جهةٍ أخرى، التهبت “المشاعر الوطنية” لدى “السياديين”، واستشعروا بعد عقدٍ ونيفٍ بخطر النزوح على البلد، فشرعوا بتنظيم الحملات العنصرية على النازحين السوريين، التي لاقت رفضًا من بعض الشركاء السابقين لهؤلاء “السياديين” في تآمرهم على سورية وشعبها، لتأخذ هذه الحملات بعدَا طائفيًا، قد يتطور إلى توتراتٍ بين حلفاء الأمس، بدلًا من دعوتهم إلى تحكيم صوت العقل والحكمة في معالجة قضية النزوح، بالتالي الضغط على الحكومة اللبنانية، للبدء في محادثاتٍ جديةٍ وعلى مستوىٍ رفيعٍ مع الحكومة السورية، لرفع خطر النزوح عن لبنان. وعن سر “الاستفاقة” المتأخرة لدى “السياديين”، تكشف جهة أمنية فاعلة أن لديها معطياتٍ ملموسةٍ في هذا الشأن، أي (تحريك ملف النازحين) لا تبشّر بالخير على الإطلاق، ولكنها قيد المتابعة والرصد من الجهات المعنية.

وترجّح الجهة الأمنية المذكورة أن تحريك ملف النزوح على النحو الوارد آنفًا، مرتبط بأجنداتٍ إقليميةٍ وداخلية، ومحاولة التأثير في مسارها، من دون الغوص في التفاصيل. وتعقيبًا على ذلك، يؤكد مرجع في فريق الثامن من آذار صحة المعطيات الأمنية الواردة آنفًا، كاشفًا أن هناك مسعىٍ لتحويل النازحين السوريين في لبنان إلى لاجئين، وإبقائهم في لبنان، واستخدام هذه الورقة للضغط في اتجاه تنفيذ أجنداتٍ محليةٍ وإقليمية، خصوصًا في ضوء التطورات في المنطقة، تحديدًا التقارب السوري- السعودي، والإيراني- السعودي، في محاولةٍ للتأثير على الأجواء التصالحية بين دمشق ودول المنطقة، وفي الانتخابات الرئاسية اللبنانية أيضًا، تحت ضغط الفوضى في الشارع، إذا تسنى للمحور الغربي ذلك، يختم المرجع.

في المقابل، تستغرب مصادر في المعارضة السورية طرح ملف عودة النازحين في هذا التوقيت، وبهذا المنحى العنصري على حد تعبيرها، مرجحةً أن يكون استحضار هذا الملف، هو لممارسة بعض الأطراف اللبنانيين، ضغوطًا على أطرافٍ لبنانيين آخرين، جازمةً أن جل النازحين السوريين في لبنان، لن يقحموا أنفسهم في الخلافات الداخلية اللبنانية، وتقول: “الله يعين النازحين… بدهم السترة”.

وعن ارتباط توقيت عودة النازحين من لبنان إلى سورية بالحل السياسي فيها، تلفت المصادر إلى ملف النزوح، ليس بقضيةٍ محصورةٍ في لبنان، بل في دول المنطقة: تركيا، الأردن، والعراق أيضًا، ولا أفق لحلها في المدى المنظور، ودائمًا برأي المصادر. وعن إرتباط العودة بالحل السياسي، تقول المصادر “أي حلٍ سياسيٍ… لا حل سياسي… خلصت القصة”. كذلك تشير المصادر إلى أن النازحين السوريين في لبنان المسجلين لدى الأمم المتحدة، هم تحت رعاية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، ولا يمكن إعادتهم إلى سورية بالقوة، مادامت السلطات اللبنانية، ملتزمة ميثاق الأمم المتحدة، جازمةً أن الخطب الشعبوية التي تتحدث عن إعادةٍ جبريةٍ للنازحين، لا معنى لها، على حد تعبير المصادر.

وتختم المصادر بالقول: ” من الممكن أن يتحرك ملف عودة النازحين من لبنان إلى ديارهم، من خلال محادثاتٍ جديةٍ بين لبنان والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لتحديد حالات اللجوء الحقيقية، كذلك من خلال التنسيق مع الجهات الرسمية المختصة في الجانب السوري، خصوصًا أن عدد كبير من النازحين، نزحوا الى لبنان من دون أوراق ثبوتية، كذلك بالنسبة للزيجات والولادات غير المسجلة رسيمًا، وأما بغير ذلك، فعبثًا تحاولون”، تختم المصادر المعارضة.

 

Exit mobile version