كتب حسان الحسن | هل في إمكان النازح في لبنان أن يرسل العملة الصعبة إلى ذويه؟
حسان الحسن | باحث في الشؤون اللبنانية والسورية
لا ريب في أن تصريح وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب، الذي رأى فيه “أن سوريا هي من ترفض عودة أبنائها النازحين المقيمين في لبنان إلى بلادهم، لرفدهم اقتصاد البلاد بالعملة الصعبة”، وفقاً لما جاء في تصريح بو حبيب لإحدى الصحف في الأيام القليلة الفائتة، حقاً كلام مستغرب، لا بل أكثر من ذلك، يناقض الموقف الرسمي اللبناني، تحديداً موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي رأى أن “عدم استجابة المجتمع الدولي لمطلب لبنان عودة النازحين إلى ديارهم، أمر يثير الشكوك في استخدام ملف النازحين لأهدافٍ سياسية، خصوصاً مع البحث عن حل سياسي للوضع في سوريا”. كذلك فإن كلام بو حبيب منافٍ للواقع وللحقيقة، فقد بلغ عدد السوريين الخارجين من لبنان، من مطلع عام 2018 حتى مطلع شهر آب 2022، نحو 644 ألفاً، يطرح هذا الرقم من مجمل عدد أرقام الوافدين إلى لبنان منذ بدء الأزمة السورية في آذار 2011.
ويقسّم هؤلاء الخارجون من لبنان على النحو الآتي: 100 ألف منهم غادورا عبر المطار إلى بلد ثالث. و20 ألف نازح أعادهم الأمن العام اللبناني إلى سوريا على دفعاتٍ، قبل تفشي جائحة كورونا، بينهم 3000 غير مسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة. إضف الى ذلك، لقد أعاد الأمن العام أيضاً نحو 7000 مواطن سوري إلى بلادهم ممن دخلوا الأراضي لبنانية بطرق غير قانونيةٍ، وذلك عملاً بمقررات المجلس الأعلى الدفاع في 15 نيسان 2019، بحسب معلومات مصادر غير رسمية ومعنيّة بشؤون عودة النازحين.
وتكشف المصادر أن عدد النازحين السوريين المسجلين لدى “مفوضية اللاجئين” راهناً يبلغ نحو 839 ألف نازح، وهناك ما بين 250 و300 ألف غير مسجلين، لكنهم يتلقون المساعدات من “تحت الطاولة”، على حد تعبير المصادر، وبحسب المعلومات التي في حوزتها. أمام هذا العرض الموجز لعودة عدد لا بأس به من السوريين في لبنان إلى ديارهم، هل تكون السلطات السورية هي من تمنع أو تعوق عودة أبنائها الى بلادهم؟
أما في شأن تحويل الأموال من النازحين في لبنان إلى ذويهم في الشطر الثاني من الحدود، فتسأل مصادر في المعارضة السورية وزير الخارجية اللبنانية، هل في استطاعة النازح المقيم في خيمة أو كوخ أن يرسل العملة الصعبة من لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة في تاريخه الحديث، إلى أهله في سوريا؟ وتقول: “غريب كلام بو حبيب”.
من جهة أخرى، توضح مصادر مصرفية أن تحويل الأموال من لبنان إلى سوريا عبر المصارف اللبنانية متوقف كلياً منذ بدء الأزمة السورية عام 2011 تقريباً، لافتاً إلى أن تحويل الأموال إلى الجارة الأقرب عبر شركات الصيارفة، كلفته مرتفعة جداً، لكونها تسلم الدولار الأميركي في سوريا بسعر 2800 ليرة سورية، فيما يبلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء السورية نحو 4000 ليرة سورية.
كذلك لا تنفي المصادر توقف عمليات تهريب الدولار الأميركي من الأسواق اللبنانية إلى سوريا، عبر معابر التهريب.
وعن انتظار بو حبيب زيارة من وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، يرى مرجع في العلاقات الدولية أن في كلام بو حبيب نوعاً من التعالي، ويقصد فيه بوضوح تام، أنه لن يزور سوريا. علماً أن لبنان هو في أمس الحاجة إلى حل أزمة النزوح السوري، في هذه الظروف المعيشية الصعبة.
وفي السياق عينه، يؤكد مرجع حزبي كبير حالي وحكومي سابق، أن تصريح وزير الخارجية اللبنانية المذكور آنفاً، أسهم بقوةٍ في إضعاق موقف رئيس الجمهورية تجاه قضية النزوح، على اعتبار أن “الرئيس” يحمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن عدم تحقيق عودتهم. وبهذا التصريح، برّأ بو حبيب المجتمع الدولي من تحمّل هذه المسؤولية، يختم المرجع.
وفي السياق، ترى مصادر سياسية في فريق الثامن من آذار، أن وزير الخارجية ارتضى لنفسه الخضوع التام للسفارة الأميركية في بيروت، ويصدر البيانات والتصريحات “غب الطلب” كلما دعت حاجة السفارة إلى ذلك، هذا هو الدور المنوط به، لا أكثر. وتعقيباً على كل ما ورد آنفاً، تؤكد مصادر سياسية سورية تبنى موقف السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي، الذي رد فيه على تصريح بو حبيب بالقول: ” إن سوريا “جادّة ومنفتحة” بالنسبة إلى مسألة عودة أبنائها إلى بلادهم، وأن تصريح وزير الخارجية اللبناني مستغرب”. ولفت علي إلى أن السوريين في لبنان أو غيره لا يستطيعون إرسال العملة الصعبة.