حسان الحسن | كاتب واعلامي لبناني
لاريب أن في الأفق باتت تلوح “بشائر إعلامية” تؤشر الى إمكان حدوث متغيراتٍ على الصعيديّن المحلّي والإقليمي، وتوحي بإنفراجاتٍ في الأزمات التي يعانيها لبنان والمنطقة، وفي مقدمة هذه الأزمات، الحصار الجائر المفروض على لبنان وسورية واليمن.
ولكن من المبكر الإفراط في التفاؤل قبل بروز خطواتٍ عملانيةٍ وجديةٍ على سكة الحل المرتجى، تترجم من خلال رفع الحصار الأميركي عن إيران. وهذا الأمر مرهون بنجاح المفاوضات في شأن الملف النووي الإيراني مع مجموعة “5+1” في فيينا.
كذلك رفع الحصار الأميركي عن لبنان وسورية، والحصار الأميركي- الخليجي عن اليمن، كمدخل أساسيٍ لإنجاح المفاوضات الرامية الى حل أزمات المنطقة، وإعادة التوازن الى العلاقات العربية- العربية، التي بدأت على ما يبدو أنها تأخذ هذا المنحى رسميًا وعلى مستوى القادة العرب، وتجلّى ذلك بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لدولة الإمارات العربية المتحدة ولقائة كبار المسؤولين فيها الشهر الفائت.
أضف الى ذلك، اللقاءات والزيارات المتبادلة بين مسؤوليين سوريين وسعوديين، بحسب معلومات بعض وسائل الإعلام، لم ينكرها الجانبيّن السوري والسعودي.
ولاريب أن ذلك قد يمهّد الى إستعادة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية، والأهم من ذلك، هو إعادة التوازن المفقود في العلاقات العربية، الذي لن يتحقق إلا من خلال الدور الريادي السوري في المنطقة، الذي أثبت فاعليته وتأثيره في تحقيق هذا التوازن قبل بدء الأزمة السورية في العام 2011. بالإضافة الى ذلك، إسهام هذا الدور بفاعليةٍ في رعاية التوازنات والمصالح الخليجية- الإيرانية في المنطقة ككل.
وفي سياق الأجواء التسووية في المنطقة أيضًا، كان إعلان “الرئيس” اليمني عبد ربه منصور هادي نقل صلاحياته إلى مجلس رئاسي في الأيام القليلة الفائتة، على رأس أولوياته السعي لإنهاء الحرب في اليمن من خلال التفاوض مع أنصار الله. وأعلنت السعودية بدورها دعمها للمجلس الجديد.
وفي السياق عينه، جاء أيضًا إعلان كل من السعودية والكويت عودة سفيريهما الى بيروت، كخطوةٍ على طريق إعادة تعزيز العلاقات مع لبنان.
وليس بعيدًا من هذه الأجواء، يأتي ما توصلت إليه الجهات المعنيّة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي لاتفاقٍ مبدئيٍ على خطةٍ لمساعدة لبنان بقيمة 3 مليارات دولار، ومعلوم أن هذا الإتفاق الأولي والمبدئي، لم بتم التوافق عليه، قبل الموافقة الأميركية أولًا، نظرًا لإرتباط إدارة هذا الصندوق بواشنطن.
وتسلك اتفاقات الغاز مع مصر والكهرباء مع الأردن طريق التطبيق، وسواها من الخطوات التي تخفف قبضة الحصار، وتعلن سقوطه كخيارٍ سياسيٍ كانت له وظيفة جوهريّة وهي تأليب الناس على المقاومة وتحميلها مسؤولية الانهيار.
وفي سياقٍ متصلٍ، يكشف مستشار أحد المسوؤلين الرسميين اللبنانيين، أن المفاوضات غير المباشرة بين لبنان و”إسرائيل” في شأن ترسيم الحدود، مستمرة بهدوء وبعيدًا من الأضواء، كي تصل الى النتيجة المطلوبة، التي تحقق مصلحة لبنان أولاً. ويعوّل المستشار على نجاحها في وقتٍ قريبٍ.
وتعقيبًا على ما ذكر آنفًا، تؤكد مصادر سياسية سورية أن دمشق كانت ولاتزال منفتحةً على كل مبادرة تسهم في إعادة تصحيح العلاقات العربية- العربية، والى إزالة الخلافات بين الأشقاء.
وفي هذا الصدد، تؤكد مصادر في المعارضة السورية أن من المبكر الحديث عن عودة العلاقات الخليجية- السورية والعلاقات اللبنانية- الخليجية الى طبيعتها، فالرؤية غير واضحة المعالم حتى الساعة، رغم الإتصالات والزيارات المعلنة وغير المعلنة بين الجانبين السوري والسعودي، ورغم عودة سفيري السعودية والكويت الى بيروت، غير أن تطور العلاقات مرهون بما تؤول إلية المفاوضات الأميركية- الإيرانية من جهة، والسعودية- الإيرانية من جهةٍ أخرى، خصوصًا لجهة الدور الإيراني في المنطقة.
وتعتبر أن عودة السفيرين، والمعلومات عن إعادة العلاقات السورية- السعودية، إن صحت، هي نتيجة إنهاك الرياض في الحرب على اليمن، ولحفظ دورها في لبنان وعلاقتها مع سورية في إنتظار جلاء نتائج المفاوضات المذكورة آنفًا. وتختم المصادر في القول: “لاريب أن إعادة التوازن في العلاقات العربية هي حاجة للدول العربية كافة في المدى الإستراتيجي”.
وعن عودة السفيريّن الى بيروت، وإمكان تدخل السفير السعودي في الإنتخابات النيابية لمصلحة الفريق المعادي للحزب الله وحلفائه، يؤكد مرجع في فريق المقاومة، أن “الحزب” وحلفاءه يحظون بتأييدٍ شعبيٍ واسعٍ على إمتداد المناطق اللبنانية، لن تؤثر فيه الرشى الإنتخابية، كما لم يؤثر فيه الحصار الحاد الذي فرضته الولايات المتحدة منذ نحو ثلاثة أعوام في محاولة لتغيير المزاج الشعبي في لبنان المؤيد للمقاوم، فلم تفلح.
ويسأل المرجع: “هل يشكل رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع المرجع الصالح لقيادة الشارع السني في لبنان، بحسب المهمة المسندة إليه من السعودي؟ الأمر الذي أدى الى إمتعاض رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط المنضوي تحت قيادة “القوات” في المعركة الإنتخابية المقبلة، إسترضاءً “للمملكة”، ولكن على مضض”، يختم المرجع.