كتب تحسين الحلبي | الكيان والولايات المتحدة وخططهما البديلة ضد سورية
تحسين الحلبي | كاتب وباحث فلسطيني
حين جرى الإعلان في بكين عن المصالحة بين الرياض وطهران برعاية ودعم صيني علني وبارز، ظهر من الطبيعي أن يكون أول من فوجئ وجن جنونه من الأطراف المعادية للعرب والمسلمين في المنطقة هو الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة.
وفي 18 نيسان الماضي سارع «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» إلى إعداد دراسة موجزة تحت عنوان «المصالحة بين طهران والرياض وتزايد الهجوم على إسرائيل»، تناول فيها مضاعفات هذه المصالحة على الكيان وإحباطها لمخططاته المعدة للمنطقة منذ أكثر من 15 عاماً بقلم سيما شاين وراز تسيميت، أهم المختصين بشؤون إيران والمنطقة في هذا المعهد، وترى الدراسة أن هذه المصالحة ستفتح طريقاً لطهران ودمشق نحو رسم علاقات جيدة مع الدول العربية وخاصة مع دول الخليج وهذا ما يؤدي إلى إغلاق عدد من مواضيع جدول العمل الإسرائيلي الإقليمي وأهمها: حشد أكبر عدد من دول المنطقة ضد إيران وسورية.
ومع الزيارة التي جمعت في الرياض وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أيام قليلة، يصبح من الواضح أن خريطة طريق تمتين العلاقات بين الدولتين وانعكاساته الإيجابية على سورية وبقية الدول العربية، قد انتقلت في هذه الظروف إلى مرحلة لا عودة عنها في كل المنطقة، ولذلك أصبح لدينا إطار قوي يعمل الآن بموجب هذه التطورات الإيجابية في العلاقات العربية- العربية والإقليمية والصينية على المستوى الدولي على شق طريق جديد لشرق أوسط يحقق مصالح شعوب المنطقة، ويرى الكيان نفسه فيه الخاسر الأكبر لكل خططه السابقة ولما يمكن أن يعده في المستقبل.
ويبدو أن الكيان الإسرائيلي أصبح يفتش بعد هذه النقلة النوعية في العلاقات العربية والإقليمية والضربة التي وجهتها له عن خطط بديلة تستهدف المنطقة بهدف إيقاف عجلة سيرها نحو مصالح شعوبها العربية والإسلامية، وكان معهد أبحاث الأمن القومي نفسه قد تطرق إلى جزء من هذه الخطة البديلة حين دعا في شهر تموز الماضي إلى استهداف «سورية ولبنان من داخلهما عن طريق خلق أزمات داخلية»، وليس بأشكال من العدوان الخارجي، والمقصود بهذا العنوان هو تهيئة ظروف تتيح المزيد من النشاط للمجموعات الإرهابية في داخل كل منهما لزعزعة الاستقرار الداخلي في كل منهما.
ولا أحد في الواقع يتجاهل وجود عدد من البؤر التي لا تزال تل أبيب وواشنطن ومخابراتهما، تراهن عليها وتعدها قابلة للاستخدام في الوقت الذي تحدده، ولهذا السبب زادت واشنطن من تعزيز قدراتها العسكرية في مناطق وجودها عند حدود العراق وشمال شرق سورية، ويبدو بالمقابل أن الكيان أعد نفسه لعمليات سرية تخريبية تستهدف الاستقرار الداخلي لسورية ولبنان بشكل خاص، ومع ذلك يلاحظ الجميع أن المظاهر والمؤشرات التي تدل على هذا الاستهداف الأميركي – الإسرائيلي يترافق مع حملة تحريض مستمرة من بعض القنوات العربية المحدودة جداً، وربما من قناة واحدة معروفة أو قناتين تتبعان لها فقط، فهي لم تتوقف عن استخدام الخطاب الإعلامي التحريضي منذ بداية الحرب على سورية في عام 2011 حتى وقتنا هذا، بينما لم يعد الخطاب الإعلامي الراهن الذي تستخدمه معظم القنوات العربية في نقل الأخبار عن سورية يحمل مثل هذه المظاهر التحريضية، ويبدو أن تل أبيب وواشنطن شعرتا أن عودة الانفراج إلى علاقات معظم دول المنطقة بعضها مع بعضٍ جعلهما يفقدان جزءاً مهماً من أوراق اللعبة القذرة التي اعتادا استخدامها في ساحة الشرق الأوسط، ولا شك أن كل تمتين للعلاقات بين الرياض وطهران وبعد عودة الجامعة العربية إلى سورية، سيسد أي طريق تريد عاصمتا الشر استخدامه لزعزعة استقرار دول المنطقة، وهذا تماماً ما يمكن استخلاصه من العنوان الذي اختاره معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في الدراسة التي أعدها وعبر فيه عن ظهور أزمة جديدة للكيان بسبب هذا الانفراج في علاقات الدول العربية مع إيران في المنطقة.