الكسندر نازاروف | كاتب وباحث روسي
حضر الرئيس الأوكراني القمة الـ 32 لجامعة الدول العربية في جدة. ودوافع هذه الدعوة مفهومة بشكل عام.
تسعى المملكة العربية السعودية إلى زيادة دورها في الشؤون الدولية، بما في ذلك من خلال الوساطة في النزاع الأوكراني.
لقد تعاملت روسيا بشكل إيجابي مع وساطة المملكة العربية السعودية، بما في ذلك في بعض الاتفاقات الخاصة بتبادل الأسرى التي مرت عبر الرياض. وعلاوة على ذلك، وبينما لم تحتاج موسكو ولا تحتاج (الآن) إلى مفاوضات مع كييف، أو وساطة في تلك القضية، وعلى الرغم من رد الفعل السلبي للغاية من جانب المجتمع الروسي، منحت موسكو الرياض فرصة التباهي بالإفراج عن المرتزقة الأجانب من فوج “آزوف” النازي.
إضافة إلى ذلك، وربما يكون ذلك هو الشيء الرئيسي، أن الرياض تحاول بالتأكيد، بدعوتها زيلينسكي، تخفيف الضغط من جانب واشنطن فيما يتعلق بالتقارب السعودي الصيني، وتطبيع العلاقات مع إيران، والآن مع سوريا.
إن جولة زيلينسكي في أوروبا في حد ذاتها، وحول العالم الآن، هي بالأحرى محاولة لمواجهة تراجع الاهتمام العالمي بأوكرانيا، وميل واشنطن لتثبيت الإنجازات الحالية (الحفاظ على أوكرانيا المعادية لروسيا، ومزيد من تقدم “الناتو” نحو الشرق، والمواجهة القاسية بين أوروبا وروسيا). ستجمد واشنطن الصراع في إطار التكوين الحالي لخط المواجهة، والذي يعزز الخسائر الإقليمية لأوكرانيا، ويسمح للولايات المتحدة بتخفيض تكاليف إعانة أوكرانيا، وتحويل معظم هذه التكاليف إلى الدول التابعة.
في ظل هذه الظروف، يحاول الرئيس الأوكراني يائسا حشد الدعم لـ “خطته للتسوية”، والتي تمثل في جوهرها مطالبة باستسلام روسيا والعودة إلى حدود أوكرانيا ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ومنح زيلينسكي منصة للحديث اليوم لا يخدم شيئا سوى زيادة حجم الحرب ومعاناة السكان وخسائر جميع الأطراف المعنية.
بطبيعة الحال، لن تناسب موسكو خطة زيلينسكي، ولا المبادرات الغربية أو أي خطة أخرى لا تتماشى مع أهداف روسيا المعلنة في ديسمبر2021. ومن الواضح أنه لا يوجد وساطة منطقية في هذه الظروف، وإذا كانت لدى السعودية مثل هذه النوايا، فإن دعوة زيلينسكي هي خطوة غير موفقة للغاية قد توقف الوساطة السعودية بدلا من تنشيطها.
إضافة إلى ذلك، فإن دعوة زيلينسكي تثير الشكوك بأن التقارب مع الصين وتطبيع العلاقات مع إيران وسوريا قد لا يكون تحولا حقيقيا للمملكة العربية السعودية نحو استقلال أكبر في الشؤون الدولية، وإنما مجرد عنصر مساومة مع واشنطن من أجل رفع قدر السعودية في نظام الأولويات الأمريكية.
في هذا الصدد، ومن بعض الزوايا، يمكن النظر إلى الخطوات السعودية لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، على أنها محاولة لتمزيق سوريا من حلفائها، لتبقى دمشق بعد ذلك وحيدة بلا حماية ضد تغيير آخر في الخط السياسي لجيرانها.
مع ذلك، أعتقد شخصيا أن دعوة زيلينسكي إلى قمة جامعة الدول العربية هي على الأرجح محاولة وساطة غير مدروسة بما فيه الكفاية، أكثر من كونها خطة خبيثة، ولكن، وعلى أي حال، لن تجلب هذه الدعوة سوى الضرر لجميع الأطراف.