الدكتور عمران زهوي | كاتب وباحث سياسي
حصل اتفاق في اطار التطبيع بين إسرائيل والإمارات،كان لافتا تسمية الاتفاق باسم الاتفاق الابراهيمي في 13 آب (أغسطس) الماضي، مخالفاً ما جرت عليه العادة بتسميه الاتفاقات باسم المكان الذي جرت فيه الاتفاقية .فعندما طلب من السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان توضيح أسباب إطلاقه على الاتفاق الذي جرى توقيعه بين الإمارات والبحرين وإسرائيل في البيت الأبيض، قال ان سبب إطلاق تلك التسمية على الاتفاق يرجع إلى أن “إبراهيم كان أبا لجميع الديانات الثلاثة العظيمة، فيشار إليه باسم (أبراهام) في المسيحية، و(إبراهيم) في الإسلام، و(أبرام) في اليهودية، لافتا إلى أنه “لا يوجد شخص يرمز إلى إمكانية الوحدة بين جميع هذه الديانات أفضل من إبراهيم، ولهذا السبب تمت تسمية هذا الاتفاق بهذا الاسم”. من هنا كان الاستغراب فهل هناك من وراء التسمية هدف اخر؟؟!..
نعم بكل وضوح لا يمكن النظر إليها بعيدا عن جذورها وخلفياتها الدينية، التي تكشف بوضوح مدى توظيف السياسي للأبعاد الدينية والتاريخية ما يسهل عليه تمرير أجنداته السياسية تحت غطاء ديني.
اي بمعنى اخر تشكيل دين جديد يجمع او ايجاد صيغة توافقية ما بين الديانات اليهودية والمسيحية والاسلامية وتمثل هذه الصيغة الحد الأدنى المشترك بينها في الإيمان” تحت ستار ان النبي ابراهيم ابو الاديان….!!!!
ما سيتم التوافق عليه بين أعضاء اللجان المشتركة في هذا المشروع من عقائد يجمع في كتاب واحد، تطمح المؤسسات التي صممت المشروع ورعته إلى جعله كتابا مقدسا بديلا للكتب المقدسة الثلاثة: القرآن، العهد الجديد، العهد القديم”.
مما لا شك فيه ان الهدف واضح من هذا المشروع وهو تفتيت ما تبقى من هوية عربية جامعة، ودمج إسرائيل عضويا في المنطقة العربية، مع إدراكنا أن توطين إسرائيل هو في حد ذاته إجراء من إجراءات التفتيت وليس غاية نهائية، وانما مرحلة لاحقة من مشاريع امريكا لتفتيت العالم العربي وتفكيكه، إذا ما اعتبرنا تفتيت التاريخ العربي من قبل المؤسسات العلمية والأدبية الغربية هو المشروع الأول والأقدم والتي بدأت العملية في وقت مبكر جدا بتفتيت التاريخ العربي وتزويره وفقا للمنظور التوراتي إلى أجزاء متناثرة لشعوب غامضة سميت بالشعوب السامية، وتم إخفاء صورة الأمة الواحدة التي حكمت قبل الإسلام والمسيحية من غرب السند إلى مصر، ومن البحر الأسود شمالا إلى البحر العربي جنوبا. من هنا تم اقتطاع الشعب الفلسطيني من لحمته العربية أو الآرامية القديمة،واليوم نسمع عربا يقولون إن الإسرائيلي أقرب إلينا نسبا من الفلسطيني!.
من اللافت جداً دور الإمارات في الترويج للديانة الإبراهيمية وإعادة تشكيل المنطقة من جديد،فدولة الإمارات فيما يبدو تشكل رأس حربة في مشروع إعادة تشكيل الشرق الأوسط الأجد، الذي تختفي فيه معالم العروبة والإسلام لصالح الرؤية التواراتية الصهيونية، وما (البيت الإبراهيمي) هناك إلاّ إحدى المؤسسات المناط بها العمل لتمكين مشروع الديانة الإبراهيمية الجديدة”. والدليل اعلان الامارات عن انشاء صرح يجمع الديانات السماوية الثلاثة والذي سيضم كنيسة ومسجداً وكنيساً والذي سيتم بناءه في جزيرة السعديات في ابو ظبي وسينتهي العمل به في نهاية العام .كما ذكرت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية الإماراتية في اجتماعها العالمي الثاني في مدينة نيويورك في 20 سبتمبر/أيلول من عام 2019 أن “بيت العائلة الإبراهيمية سيشكل للمرة الأولى مجتمعا مشتركا تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات”. ونشير ان هذا المشروع عمل علية منذ التسعينيات وابصر النور من قبل هيلاري كلينتون عام 2014 وطوني بلير (سنذكر في مقال اخر التفاصيل عن الفكرة وإنشاءها ومن عمل عليها).
بمتابعتنا للاحداث السياسية المتتابعة نقول أن المؤسسات الدينية، وغالب العلماء والدعاة في كثير من الدول العربية والخليجية خاصةً ، ما هم إلا أداة من أدوات السلطة، توجههم كيفما تشاء، لذا فإنهم يلذون بالصمت حفاظا على مصالحهم ومكاسبهم. اذ لم نسمع رفض المشروع سوى من الازهر الشريف لغاية اليوم وكان الجميع منخرط في هذا المشروع الهجين السياسي والذي يضرب الاديان وتحديداً الدين الاسلامي .
الترويج لهذه الديانه ما هو سوى لتقبل اليهود بصفتهم أحد أتباع الديانات السماوية الثلاثة، هو ضرب من التضليل وتزييف الوعي، لأنه لا مشكلة للمسلمين ولا للفلسطينيين مع اليهود كأتباع ديانة سماوية. انما حقيقة الصراع تتمثل في مواجهة المشروع الصهيوني الاحتلالي والاستيطاني، وهو ما يتجاهله المهرولون نحو التطبيع مع العدو الصهيوني المغتصب بحرف الصراع عن طبيعته وحقيقته. عندما ترى العلماء على ابواب السلاطين فبئس العلماء وبئس السلاطين .