ثمانية وأربعون سنة مضت على حرب ما عرف ب”بوسطة عين الرماتة”في الثالث عشر من نيسان ١٩٧٥،واللبنانيون لم يتعظوا من متابعة شريط الأكاذيب التي نشأ عليها لبنان وما افرزته من قيادات وحكام وأحزاب كذبة ومرتشون في السياسة والمال والأرتهان لقوى خارجية تتلاعب بهم وبما يخدم مصالحها وأطماعها.
وعلى عادتهم،يكتفي اللبنانيون بعد كل كارثة تصيبهم باجترار القول”تنذكر ما تنعاد”..يتذكرون،أنما يعاودون التجارب المرة بصراعات داخلية اشد فتنة وخطورة على مصير البلاد والعباد.
يستحيل أن تكون حرب البوسطة كذبة وقد سقط جراء عنفها وشراستها مئات ألاف الشهداء،وهم بالتأكيد ليسوا كذبة واهية،لكن الكذبة هي في “البوسطة”ذاتها.لقد سبق لهم ان ربطوا فتتة ١٨٦٠ بلعبة”الكلة” بين صبيين ماروني ودرزي في جبل لبنان.وايضا يستحيل ان يكون انفجار مرفأ بيروت كذبة.لكن الكذبة هي في عملية اللحام التي اشيع انهافتيل التفجير.وأيضا يستحيل ان يكون هبوط سعر الليرة اللبنانية قياسا الى الدولار كذبة،لكن الكذبة أن يبرئ المسؤولون انفسهم من دم الليرة المستضعفة،وهم الذين نهبوا اموال المودعين الى الخارج حيث جرى استثمارها بالعقارات والأستثمارات والتبييض والتزوير..
هي الأكاذيب بأشكامختلفة،تجتر ذاتها في ارض لم تكن وطنا حقيقيا لأبنائه في أي من الأوقات،انما كاباريه لعزاة كثر يقصدونه من مشارق الأرض ومغاربها ليعيثوا بها فسادا وانقسامات.
لا يجوز التعميم في معمعة الأكاذيب واعتماد مبدأ”الكل يعني الكل”لقد انتج لبنان سياسيين وقيادات اوادم ،لكن الوقائع اثبتت منذ فجر الأستقلال وحتى اليوم ان غالبية الكوارث التي حلّت بلبنان،ارتبطت بأكاذيب واشاعات وعمليات احتيال بالجملة والمفرق،ومن كل الأشكال والأحجام،شارك فيها مرتزقة وميليشيات وقوى خارجية،شقيقة وصديقة وحليفة اوصلت البلاد الى قمة الأنهيار المالي والأقتصادي والسياسي والأجتماعي.شلل تام في المؤسسات رغم الرشاوى التي يتقاضاها الموظفون،كبارهم وصغارهم من المواطنين لأجراء معاملاتهم…
وفي قراءة سريعة لقيام جمهورية لبنان الأولى،والأتفاق على ميثاق وطني يرضي جميع المواطنين،طوائف ومذاهب،احزابا ومناطق،يسارا ويمينا،تنكشف اولى الأكاذيب فالأستقلال وخروج قوات الأنتداب الفرنسي من البلاد لم يكن ألّا عملية تجميل لاحتلال مبطن تشارك فيه الفرنسيون والأنكليز لتقاسم المنطقة وتحويلها الى قنابل موقوتة يسهل تفجيرها وفق مقتضيات الظروفوبما يلائم مصالحهم وأطماعهم اما الأختباء خلف ما اسموه الميثاق الوطني فتلك كذبة اخرى يتوارثها الأبناء والأحفاد صحيح ان بطريركا ومفتيا احاطا بالمندوب السامي الفرنسي وهو يعلن عن استقلال لبنان،لكن احدا لم يتنبه الى استقلال رخو ومطاط وبالتالي فشل الدستور والميثاق فب معالجة العقد النفسية والعناد المستشري في عيون تتطلع بنهم ااى مشرقية عربية واخرى ااى الى مشرقية غربية،وتداركا لهذا الأنقسام العامودي والأفقي انطلق شعار”لا غرب ولا شرق”ليبقى لبنان معلّقا في الهواء.
وتستمر الأكاذيب في الجمهورية الثانية وعلى ابواب الجمهورية الثالثة واللبنانيون مستمرون على انقساماتهم وتناقضاتهم .هوس الشرق والغرب تحوّل الى”غرغرينا”تنهش بالوطن والمواطنين وتستزيد فتكا بالأنتماء الوطني المربك والمتكاذب.امتدت خيوط”الكاباريه” واستزادت عهرا وشراسة بدخول المقاومة الفلسطينية لتحرر القدس من جونيه.اندلعت حرب “بوسطة عين الرمانة” بقلوب مليانة المستمرة في دورانها وتقلباتها،انما بأسلحة اشد فتكا من المدافع والقذائف.صحيح ان اتفاق الطائف اوقف خربا عسكرية طاحنة بدت اولى معالمها في اتفاق القاهرة،لكن الطائف فتح المجال واسعا لتقاسم السلطة بين رؤساء ثلاثة وبحيث تحول لبنان الى وطن ممسوخ ولكل من الرؤساء ارضه وسلطته وأخزابه وقادته وأزلامه ..
هنا تتوضح الكذبة الكبرى..:الكاباريه”او
الوطن المزعوم يتعاظم بمأسيه وانهياراته وابناؤه يتذكرون ويعاودون التجربة ذاتها فيورثون ابناءهم واحفادهه وطنا من ورق.