كتبت وانغ مو يي | زلزال تركيا وسوريا.. الصين تمد جسور التضامن الأممي
وانغ مو يي | صحافية صينية
بعد الزلزال المدمر الذي هزّ العديد من المناطق التركية والسورية، وأودى بحياة الآلاف، وتسبب بخسائر مادية فادحة، سارع العديد من دول العالم لمدِّ يد العون لمساعدة البلدين المنكوبين. وإزاء الأوضاع المأساوية في سوريا وتركيا بسبب الزلزال، لم تقف الصين مكتوفة الأيدي، بل سارعت إلى تقديم المساعدات الإنسانية والوقوف إلى جانب الشعبين التركي والسوري.
بعد حصول الزلزال المدمر، أرسل الرئيس الصيني شي جين بينغ رسالتي تعزية إلى كل من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس السوري بشار الأسد، عبّر فيهما عن حزنه الشديد لما خلفه الزلزال من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
وأعلنت الصين أنها ستقدم مساعدات إنسانية طارئة لسوريا بقيمة 30 مليون يوان (4.42 ملايين دولار أميركي)، وإلى تركيا بقيمة 40 مليون يوان (5.89 ملايين دولار أميركي)، وأكدت أنها ستعمل على تنسيق الجهود لتوفير إمدادات الإغاثة لسوريا وتسريع تنفيذ برنامج المساعدات الغذائية الجاري.
إضافةً إلى ذلك، أرسلت الصين إلى تركيا فريقاً من المنقذين مؤلفاً من 82 فرداً مع معدات إنقاذ. وقام الفريق، بالتعاون مع الشركاء الأتراك، بالمساعدة في عمليات الإنقاذ في مدينة أنطاكيا، وأقاموا مخيّماً في ملعب هاتان ومرافق للاتصالات والعلاج الطبي.
وفي الوقت نفسه، أُرسل العديد من فرق الإنقاذ الصينية غير الحكومية إلى تركيا للمساعدة في عمليات الإنقاذ، مستخدمين أجهزة رادار متطورة لاكتشاف الأشخاص الأحياء، ومعدات هدم وإنقاذ وأجهزة حماية ذاتية. وتتعاون الفرق الصينية مع الفرق المحلية وقوات الإنقاذ الدولية الأخرى لإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض في أسرع وقت ممكن.
وأرسلت جمعية الصليب الأحمر الصينية صباح يوم 9 شباط/فبراير الجاري فريقاً من عمال الإنقاذ مع دفعة أولى من الإمدادات الطبية إلى سوريا. وقد وصل أفراد الإنقاذ والإمدادات الطبية إلى سوريا، وتبرعوا بمبلغ 200 ألف دولار أميركي لجمعية الهلال الأحمر السورية وجمعية الهلال الأحمر التركية.
أثَّرت صور ضحايا الزلزال والناجين والدمار في الشعب الصيني الذي سارع إلى جمع التبرعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوقوف إلى جانب الشعبين السوري والتركي.
لقد شكّلت العقوبات المفروضة على سوريا عائقاً كبيراً أمام أعمال الإغاثة الإنسانية، وزادت معاناة السوريين. لذلك، طالبت الصين الولايات المتحدة الأميركية برفع عقوباتها الأحادية عن سوريا فوراً، وهي دائماً ما تدعوها إلى رفع عقوباتها عنها، وخصوصاً أنها تزيد من أمد الدمار ومعاناة السوريين.
يشعر الصينيون بالمعاناة التي يعيشها شعبا سوريا وتركيا، لأن الصين عانت، ولا تزال، من الزلازل، إذ تعد أكثر الدول عرضة للزلازل. ومن أكثر الزلازل دماراً هو زلزال شانشي عام 1556 الذي يعد أسوأ زلازل الأرض، والذي راح ضحيته 830 ألف شخص، وزلزال تانغشان الذي ضرب مدينة تانغشان شمال الصين عام 1976، وتسبب بوفاة أكثر من 240 ألف شخص، وهو الزلزال الأكثر تدميراً في الصين منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، وأيضاً زلزال ونتشوان الذي وقع في مقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين عام 2008، وأودى بحياة 6.9 ألف شخص.
وبحسب الإحصاءات، فقد شهد العام 2022 حصول 53 زلزالاً بقوة 5 درجات أو أكثر في الصين، توزعت في هضبة تشينغهاي – التيبت غربي شينغيانغ شرقي تايوان. وحدث 27 زلزالاً بقوة 5 درجات أو أكثر في برّ الصين الرئيسي، من بينها 22 زلزالاً بقوة 5 درجات و5 زلازل بقوة 6 درجات. ويعد الزلزال الذي حصل في محافظة مينيوان شمال غربي الصين في 8 كانون الثاني/يناير بقوة 6.9 درجات أكبر زلزال في البر الرئيسي الصيني عام 2022.
ولأنَّ الكوارث الطبيعية تواجه البشرية كلها، تعمل الصين دائماً على وضع حماية الناس وسلامتهم ومساعدتهم وإنقاذهم في المقام الأول، وأنشأت لهذه الغاية عام 2001 فريق البحث والإنقاذ الصيني الدّولي الذي شارك في العشرات من عمليات الإنقاذ في العالم.
في 21 أيار/مايو، ضرب زلزال بقوة 6.7 درجات الجزائر، فأرسلت الصين على الفور 5 ملايين يوان من المساعدات الإنسانية إلى الجزائر. كما أرسلت فريقاً للإنقاذ مكوناً من 30 فرداً للمساعدة في عمليات الإنقاذ، وكانت هذه المرة الأولى التي شارك فيها فريق الإنقاذ الصيني الدولي في العملية الدولية للإغاثة من الزلازل. ومنذ ذلك الحين، شاركت الصين في أنشطة الإنقاذ الدولية عدة مرات.
عام 2019، أرسلت الصين مساعدات إلى دول في جنوب شرق أفريقيا بعد تعرضها لفيضانات وانهيارات أرضية تسببت بوقوع خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات. وفي عام 2018، أرسلت الصين مساعدات إنسانية إلى إندونيسيا بعد تعرضها لزلزال وتسونامي. وفي عام 2015، ضرب زلزال مدمر دولة النيبال، فأرسلت الصين المساعدات إليها، وضرب زلزال هايتي في العام 2010 بقوة 7.3 درجات، فهبت الصين لمساعدتها.
ستواصل الصين العمل مع تركيا وسوريا لتقديم المساعدات اللازمة لمواجهة تداعيات الزلزال المدمر الّذي قتل وشرد الآلاف، والتخفيف من معاناة الشعبين السوري والتركي. كل دول العالم معرضة لكوارث طبيعية. لذلك، علينا أن نقف مع بعضنا بعضاً لبناء عالم قائم على السلام والإنسانية.