ميراي الملحم | كاتبة لبنانية
بدايةً ، قبل التصويت ، على النّاخب أن يتأقلم مع فكرة تغيير الوجوه النائبة ، وأنّ ذلك لا يقلّل من إحترام أيّ نائب سابق . فَحقيقة الإنتخابات تتمثّل بِمداورة السّلطة ، لا إحتكارها لِمصلحة زعامات أوليغاريشية . هذا التقليد منافٍ لأيّ أعراف برلمانيّة . أصبح بالياً هجيناً غير منطقياً ، مُسخّراً لِطبقة متناحرة منذ عقودٍ من دون أيّ نتيجة إيجابيّة ، لا بل ” كارجة بالوطن بلا فريمات إلى الجحيم ” ..
على النّاخب أن يتقبّل أنّ الله لم يكسر قالب الأذكياء والوطنيين ، واختصرهم في نفس البيوت السياسيّة . والوفاء للأفضل منها لا يكون بانتخاب الوريث ” عَ العميانة ” . فَالسياسة ليست تركة كيس بصل أو علبة حلاوة . الوفاء يكون فقط بانتخاب مَن يرفع راية وقضايا رجالات ذي مواقف تاريخيّة وطنيّة ، لا بل طوّرها بطريقة تناسب العصر وتقلّباته .
على النّاخب أن يفهم أنّ الديمقراطيّة هي قرار الفكر الحرّ لا التبعيّة المطلقة . وهذا العام ، يُراقب العالم أجمع هذه المحطّة المفصليّة في تاريخ لبنان ؛ فَإمّا الإنتفاضة على كل موروث تقليدي ، وإمّا الخنوع إلى أجلٍ غير مُسمّى وأسوأ – من دون نقّ ونقيق في المستقبل . إنّها آخر فرصة للتغيير . وإنْ حافظ على التّصويت بِنفس العقليّة ، ضمن ذات الإمتداد التاريخيّ والجغرافيّ والدينيّ ، إذن ” طُم بابا طُم ” ؛ لا تغيير سَوف ينتج عن الإنتخابات ، ولا نهاية لهذا السّقوط الحرّ اللّبناني ، منذ ٢٠١٩ .
لذلك ، قبل التّسويق لأيّ إنتخابات فولكلوريّة ، الأجدى قراءة واقع المجتمع اللّبناني .
هل هو فعلاً حاضر لِهكذا إنتفاضة فكريّة ؟
هل الإختيار سوف يكون بعيداً عن لعبة الطرّة نقشة الهوائيّة ، بإطار ناضج وليس “شغل نكايات ونسوان فرن ” ؟
إنْ عملية التّصويت لم تَتمّ تبعاً لِأُسس بنّاءة ، على سبيل المثال كالتّالي :
• مَن هوَ المرشّح وسبب ترشّحه ؟
• ما هيَ ثقافته وخبرته العمليّة ؟
• لأيّ فكرٍ ينتمي وسبب انتمائه لهذا الفكر ؟
• كيف يرى وجه لبنان الحاضر والمستقبليّ ؟
• ما هو برنامجه الإنتخابيّ ، بعيداً عن شعارات عرض العضلات و “مين بِشيل جرن الكبّة ” ؟
حينها الأفضل إلغاءها وتوفير أموال الخزينة العامة ، وصرفها بغية تأمين حلول تُحاكي المشاكل اليوميّة والإجتماعيّة للشّعب .
الإنتخابات النيابيّة هيَ من أجمل مظاهر الحريّة والديمقراطيّة في الأوطان لِلتقدّم ، إنّما في دول حيث لا – أُوعى الزعيم – وَلا – بَيّ الطائفة – شعارها . شعارات لم تكُن سوى لعنة وطن .
هذه الدّورة ، من الضروري ودون أيّ تأجيل ، أن يخطو الناخب مشوار الألف نحو المستقبل بِدعسات تقلب الموازين ، لا بِتكرار الماضي . وإلّا البديل ، أكيد وطبعاً وأفضل يبقى التدويل ثمّ التقسيم – أهوَن الشرّين … وأرحم من إذلال تاريخ وطنٍ بأحقر الزعماء ، ودماء ” اللّي راحُوا ، كلّ اللّي راحوا ، ما يروحوا عَ الفاضي ” … !