تحليلات و ابحاثمقالات مختارة

كتبت ماجدة الحاج | المنطقة تستعدّ للحرب.. “رجالُ الحزب الى ما بعد الجليل”!

ماجدة الحاج | كاتبة وصحافية

إلى الحرب.. نتيجةٌ يراها مراقبون وخبراء عسكريّون “حتميّة” ووشيكة وسط المؤشّرات والمعطيات السّاخنة التي تلفّ المنطقة، خصوصا الأحداث غير المسبوقة التي خرقت الأسبوع الماضي، وتضمّنت إغتيال رئيس وحدة الإغتيالات في “الموساد” الإسرائيلي ايلاك رون في اربيل، وإلحاقها بعمليّات سريّة ايرانيّة ضدّ “اسرائيل” لا زال بعضها مستمرّا الى الآن”- وفق تصريح القائد العام السابق للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري امس، مسبوقا بالتهديد النّاري الذي وجهه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الى المسؤولين “الإسرائيليين” في اطلالته الأخيرة، ردّا على خطوة إدخال سفينة التنقيب اليونانية الى حقل كاريش، والتي حملت تحدّيا “اسرائيليّا” غير مسبوق في مواجهة الحزب، قابله السيّد نصرالله بالتلويح للإستعداد للمواجهة العسكرية وإعلانه وضع “كلّ الإحتمالات على الطاولة”.. في وقت سُرّبت معلومات عن شخصيّات مقرّبة من الحزب، تُفيد بإعلاء جهوزيّة قادته ومقاتليه -على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلّة و”خارج الحدود” الى الدّرجة القصوى، بانتظار “أمر عمليّات” قد يصدر عن القيادة في ايّ لحظة!

وفيما تُنذر كلّ الأحداث والمعطيات التي لفّت المنطقة مؤخرا-وضمنا اشتعال حرب الإغتيالات بين طهران وتل ابيب، باقتراب المواجهة العسكرية، سيّما بعد تنفيذ المناورات “الإسرائيلية” الأضخم في تاريخ”اسرائيل”-مركبات النّار، وتذييلها بتدريبات عسكريّة في قبرص حاكت “غزوا للبنان”، والمناورات الجويّة الضخمة الإسرائيلية-الأميركية.. جاءت مبادرة “اسرائيل” الأخطر في توقيتها، عبر استهداف مطار دمشق الدولي صباح الجمعة الماضي في عدوان على سورية تجاوز كلّ الخطوط الحمر، اعقبه تلميح “اسرائيلي” الى عزم استهداف الموانئ السوريّة البحريّة وتعطيلها هذه المرّة بشكل كامل- وهو ما المحت اليه خبيرة الشؤون العربيّة في صحيفة “يديعوت احرونوت” سمدار بيري!

أبعد من ذلك، وصل التصعيد “الإسرائيلي” الى ذروته، عبر التهديد ب”استعداد اسرائيل لقصف القصر الرئاسي السوري- وفق ما ذكرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الرّوسيّة !

ومع هذا التحدّي والتصعيد “الإسرائيلي” غير المسبوق، واستهداف مطار دمشق الدّولي واخراجه من الخدمة- بحيث نقلت تل ابيب المواجهة الى منحى جديد شديد الخطورة رأى فيه محلّلون وخبراء عسكريون، تمهيدا لاستهداف مطارات اخرى خصوصا مطار بيروت، في خطوة تهدف الى استباق الحرب ” المقرّرة” قريبا بنسف الجسور الجويّة تحديدا في سورية ولبنان منعا لأيّ دعم عسكريّ خلال المواجهة المرتقبة، وخصوصا اقدام “اسرائيل” على خطوة ادخال سفينة التنقيب اليونانية الى حقل كاريش وعزم جعلها “امرا واقعا”.. يبدو واضحا انّ الكيان العبري-بغطاء اميركي، ذاهب “الى النهاية ” في تحدّي ومواجهة محور المقاومة..

فهل قرّرتها “اسرائيل” حربا باتت وشيكة في شهر تموز القادم؟-بحسب ما تسرّبه مواقع ووسائل اعلامية عبريّة؟-لا تنفيها في المقابل صحف وتسريبات اعلاميّة على الضّفة الأخرى؟ ام انّ كل التهويل “الإسرائيلي” -خصوصا تهديدات افيف كوخافي تجاه لبنان، والتي تزامنت مع زيارة المبعوث الأميركي اموس هوكشتين الى بيروت، يأتي من باب الضّغوط الأميركية-“الإسرائيلية” القصوى لتقديم تنازلات لبنانية في ملفّ الثروة النفطية؟

ام انه يتوجّب الحذر الشديد من “سيناريو ما” حُبكت خيوطه في الأروقة المعادية وحُدّد توقيت ترجمته في غفلة عن الجميع؟ خصوصا بعد مبادرة”اسرائيل” الى نشر منظومات رادريّة في دُوَل خليجية تحديدا في الإمارات والبحرين، مُرفقا بإقرار الكونغرس الأميركي مليار دولار لتجديد القبّة الحديديّة “الإسرائيلية”، وسعي اميركي الى دمج أنظمة الدفاع الجوي بين “اسرائيل” ودُوَل عربية اضافة للخليجية، في اطار عزم تشكيل “ناتو عربي بقيادة “اسرائيل” لمواجهة ايران؟ ولربما سيكون هذا المسعى في اولويّات زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المرتقبة الى المنطقة منتصف شهر تموز المقبل، والتي ستُتوّج بقمّة جدّة السعودية، والتي سيحضرها الى جانب بايدن، قادة دُوَل مجلس التعاون الخليجي الست، وملك الاردن والرئيس المصري، اضافة الى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.. وحيث سيكون عنوانا هذه القمّة الأبرز: انشاء “الناتو العربي- الإسرائيلي في وجه ايران( مع الدّفع باتجاه “إشهار” التطبيع بين اسرائيل والسعودية)، وطلب بايدن ضخّ المزيد من النفط للضغط على روسيا.

وفيما تبدو زيارة بايدن الى المنطقة “ملغومة” وخطيرة بدلالاتها وأهدافها في هذا التوقيت الساخن، سيّما على وقع انباء تحدّثت عن إنجاز نصب منظومات دفاع جوي “متطورة” في الإمارات والبحرين، على ان يتمّ نصبها في الأردن ومصر والكويت “في وقت قريب”.. بات الأسئلة المحوريّة اليوم” هل ستبدأ شرارة المواجهة من لبنان؟ ام ايران؟ وهل حدّدت تل ابيب فعلا ساعة صفر البدء بشنّ هجمات على المنشآت النووية الايرانية؟ مع ادراكها بعقبة بُعد المسافة عن ايران، وحيث قد تلجأ الى شنّ هجماتها انطلاقا من بلدان قريبة من الأخيرة كأذربيجان ودُوَل الخليج.. وهذا ما سيُعرّض تلك الدُوَل حكما للإستهداف بصواريخ ايران وباقي حلفائها عند انطلاق الحرب..

هذا اضافة الى المساحة الجغرافية الكبيرة لإيران على عكس الكيان”الإسرائيلي”، وهو ما يُتيح لطهران وحلفائها تسديد ضرباتهم الصاروخية على كل الأهداف الإستراتيجية والحيوية في عمق الكيان بشكل مركّز.. الا انّ الأخطر الذي يتوجّب على “اسرائيل” التوقف عنده مليّا قبل الشروع بالمغامرة ضدّ ايران، فيكمن بالضربات غير المسبوقة التي سدّدتها الأخيرة في المرمى “الإسرائيلي” في سياق “حرب الظل” المستعرة بين الجانبين، واتت بمثابة رسائل ايرانية تحذيريّة “من العيار الثقيل” الى اصحاب “الرؤوس الحامية” في تل ابيب!

ففي ذروة اشتعال “حرب الإغتيالات” بين طهران وتل ابيب، وبُعيد تصفية رئيس وحدة الإغتيالات في “الموساد” الإسرائيلي في اربيل بعد توعُّد طهران بالثأر لاغتيال العقيد في الحرس الثوري حسن خدائي، كشف القائد العام السابق للحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري، “انّ الضربات الايرانية ضدّ “اسرائيل” مستمرّة”. وقال” يعرفون في الكيان جيدا هذه الضربات التي نفّذتها ايران بحقهم مؤخرا في بلدان مختلفة، وداخل “اسرائيل” نفسها.. “وبعض هذه الضربات لا زال مستمرا الى الآن”!

وإذ بيّن انّ ايران تلتزم بالكتمان والسرّية حيال اي هجوم تُنفّذه ضدّ شخصيات وأهداف “اسرائيلية”، اكتفى جعفري بالتلميح الى انّ ايران ومقاومين في محور المقاومة، سددوا ضربات موجعة في قلب الكيان “الإسرائيلي” قبل اغتيال العقيد خدائي!.. ولربما يتعلّق تلميحه بمشاركة ايران وقادة من محور المقاومة في غرفة عمليات مشتركة الى جانب قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، في ادارة معركة “سيف القدس”..وكان الصحافي السلوفاكي بيتر نيشونسكي قد اكّد -استنادا الى تقارير ميدانية موثّقة، انّ غرفة العمليات المشتركة كانت تدير المعركة من قلب الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليس من خارجها..

وبالطبع، وكعادتها، لم تُفصح “اسرائيل” عن ماهيّة الضربات الإيرانية التي المح اليها اللواء جعفري، ولن تفعل.. الا انّ معلومات ضابط سابق في وكالة المخابرات الأميركية CIA -نقلا عن مراسل الإستخبارات الإسرائيلي المخضرم يوسي ميلمان، كشفت عن خرق امنيَّ “معادِ”خطير في منشأة ديمونا النووية، كما في وزارة الحرب “الإسرائيلية”-دون الكشف عن تفاصيل..هذا قبل ان تُقرّ صحيفة “معاريف” العبرية امس، بوصول رسالة تهديد ايرانية الى “اسرائيل”، حملت تأكيدا على تكثيف الهجمات والعمليات السرية داخل “اسرائيل” وفي اي بقعة من العالم.. ليليها مبادرة الأخيرة الى تعميم اوامر عسكرية ل 1000 “اسرائيلي” يحملون رتبة “ضابط وما فوق” بوجوب مغادرة تركيا فورا والعودة الى “اسرائيل”!

ثمّة من يصف هذه المرحلة التي تمرّ بها المنطقة ب”الأخطر على الإطلاق”..وهو ما دفع بثعلب السياسة الأميركية هنري كسينجر، بالقول- في حديث لصحيفة “صنداي تايمز” البريطانية منذ ايام، ” إنّ احداثا كبيرة قادمة في الشرق الأوسط”، متعمّدا الغموض حيال اعطاء اي تفاصيل حيالها..وهو المعروف بعلاقاته الوثيقة جدا مع “اسرائيل”.. فهل تلقّف خيوط “سيناريو ما” تعتزم الأخيرة القيام به؟ وتوقيته؟

وعليه، لا يمكن استبعاد نشوب الحرب في المنطقة، فأيّ خطأ في الحسابات قد يكون فتيل اشعالها، كما لا يمكن التعويل على “الصراخ” والتهويل”الإسرائيلي بالمغامرة بوجوديّة هذا الكيان هذه المرّة، والمقامرة بآخر مستوطن على ارض فلسطين.. المؤكد، انّ رسائل السيّد نصرالله غير المسبوقة مؤخرا باتجاه ” من يعنيهم الأمر” في “اسرائيل” قد وصلت.. قبل ان تعلو اصوات من داخل المؤسسة الأمنية “الإسرائيلية” نبّهت من تحذير اجهزة استخبارات “حليفة”، من انّ احدى اخطر “مفاجآت” حزب الله عند انطلاق الحرب، قد لا تقتصر على خطر التوغّل في الجليل حصرا.. بل ابعد وأخطر منها- وفق ما نُقل عن الخبير الأمني التشيكي لومير نيميك، مكتفيا بالإشارة الى انّ ما يخبئه الحزب من مفاجآت-كما سائر الفصائل الحليفة على امتداد المنطقة -سيما في البحر والجوّ، ستكون خارج الحسابات والتوقعات!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى