كتبت ليندا حمّورة | قطاع التعليم نحو الجحيم .
ليندا حمّورة | كاتبة واديبة لبنانية
لست أدري لماذا استحضرني اليوم الفيلسوف اللبنانيّ، صاحب الفضل الكبير على لبنان والعالم، الرائع الراحل سعيد عقل، ربما لأنه كان يحب وطنه وأرضه وترك خلفه عبارات تمجّد ذلك العشق الإلهي ومنها : ” بدّي زَحلِنْ لبنان ولَبْنِنْ العالم ” وبعبارة أخرى يقول : ” لو لم يكن لي ربّ أعبده لكان لبنان هو ربّي ” فأين أنت يا صاحب العقل لترى عقول اللبنانيين اليوم ؟
نحن يا أبناء الله نعيش اليوم أخطر مرحلة تاريخية، لم تعد لنا القدرة على تحمّل واستيعاب هذا الكمّ الهائل من الأزمات الدامية . لم تعد بلاد الحرف والحضارة والتاريخ والثقافة صلبة وشامخة كما عهدناها دوماً، لا بل تصدّعت وتفتّتت وغادرها بناة الهيكل، تاركين خلفهم مقاعد دراسية فارغة تبحث عن تلامذة هجروها مع بدء العام الدراسي ولم يعودوا إليها حتى اللحظة . معلّمون ينتظرون قرارات حكومية لتسديد مستحقاتهم، ودولة متآكلة فاقدة للشرعية ، لا رئيس يُحيي قصرها، ولا رئيس حكومة يفكر بالمنطق، فاستريحوا لأنّ باب القرار موصد …
تلامذة المدارس الحكومية لا ينتظرون قضاء الله وقدره لا بل ينتظرون قضاء دولة كل ما فيها كارثي، فمن أين سنبدأ ؟ أمن الكهرباء التي باتت تكلفتها فوق المعقول ؟ أو المحروقات التي حرقت جيوب المواطنين وجمّدت الأطفال جرّاء صقيع الشتاء القارس؟ أو أطباء غادرونا دون عودة ؟ أو أنه دولار يطير بسرعة ضوئية وما من يحجبه ؟ أو أنها البطالة التي تسحق شبابنا وتجبرهم على الغوص في وحول الإدمان والسرقة والقتل ؟ كثيرة باتت مآسينا فمن ينير عتمة اليأس التي ترافقنا ؟
أيعقل أن يكون الراحل سعيد عقل من كوكب آخر وحبّه للبنان كان خرافياً ؟ كيف ببلدٍ احتضن عمالقة في الأدب والفن والثقافة تُدقّ فيه اليوم طبول الجهل والظلام ؟ ألم يعد على هذه الأرض عاشقاً لها ؟ هل سنشهد فانوساً سحرياً يخرج منه عملاق وطني واحد يخلّصنا من شر الفراغات المستترة في الكثير من المراكز ؟ ألم تعد هناك جمعيات إنسانية تعنى بحقوق التلامذة وبالقطاع التعليمي ؟
أسئلة كثيرة ولكن ليس هنالك من يقرأ ومن يستوعب حجم الكارثة التي تنتظرنا إذا استمرت المدارس والجامعات الحكومية بالاقفال.
تلامذتنا اليوم هم الخاسر الأكبر ولا نخفي بأن ٣٠٪ من أساتذة التعليم الرسمي تركوا التعليم وهاجروا بحثاً عن فرص تعطيهم حقهم الطبيعي، ويجب أن نسلط الضوء على التشجيع الذي قامت به الدولة اللبنانية في هجرة الأساتذة إلى دولة قطر خاصة، عبر طلبات كانت تقدم من خلال المنصات الإلكترونية. عام دراسي ممزّق، مهشّم، مجهول المصير ولكن كيف ستتعامل وزارة التربية مع الامتحانات الرسمية؟ مع التلامذة؟ وهل سيخصص لتلامذة المدارس الخاصة برامج مختلفة عن تلامذة المدارس الرسمية ؟ ظلام وظلم يلفان القطاع التعليمي وعلينا بتسليط الضوء على هذا الظلام وإنارته من خلال وزارة التربية المعنية بالشأن التربوي وإيجاد حلول تناسب الأساتذة والتلامذة على حد سواء …
“مغارة علي بابا والأربعين حرامي” ظهرت من جديد ولكن بتوليفة جديدة، وبزيادة الضعفين بعديد السارقين فيها، فكانت حكومة لبنان الحالية التي أفلست شعبه وجوّعته وهجّرته وحرمته من أبسط حقوقه حتى بات لبنان جهنّم وبئس المصير ، وبات الشعب العريق فقيرًا ، وطالب العلم ينتظر قرار معالي الوزير، فهل من حلول تفكّ قيود التعليم الأسير ؟