ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية
لطالما عشنا تحت رحمة “العم سام”، وكأن قدرنا أن نكون في بلد عربي بسياسة غربية، يعتدون على ثرواتنا ويسيطرون على أراضينا ويثبتون قواعدهم العسكرية على سواحلنا، ونحن كحمل وديع صامت فقط نسعى للرضا وكأن سلطة أمريكا تتجاوز قدرة الخالق، يا للعجب!
بدأ التدخل الأمريكي في العالم العربي بشكل واضح بعد الحرب العالمية الثانية، وتزايدت أهميته مع تصاعد القيم الاستراتيجية للمنطقة بسبب موقعها وثرواتها النفطية. كان هذا التدخل تدريجيًا ومرّ بمراحل وأزمات:
الخمسينيات: ركّزت أمريكا على المنطقة بسبب التنافس مع الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، وتدخلت في أزمة السويس عام 1956، حيث دعمت مصر ضد القوى الاستعمارية التقليدية (بريطانيا وفرنسا)، لتثبت نفسها كقوة مهيمنة.
الستينيات والسبعينيات: مع تصاعد الصراع العربي الإسرائيلي، زاد الدعم الأمريكي لإسرائيل بشكل واضح، إلى جانب تعزيز العلاقات مع دول الخليج النفطية، خاصة بعد حرب أكتوبر وأزمة النفط التي أثّرت على الاقتصاد العالمي.
الثمانينيات: تدخلت أمريكا في الحرب العراقية الإيرانية ودعمت الأفغان ضد الاتحاد السوفيتي، بينما أضافت قواعدها العسكرية في الخليج.
التسعينيات: قادت أمريكا تحالفًا لتحرير الكويت بعد غزو العراق، مما زاد نفوذها العسكري في المنطقة.
ما بعد 2001: شنت حربين في أفغانستان والعراق ووسّعت تدخلها العسكري.
الربيع العربي (2011): استمر التدخل بدعم بعض القوى في ليبيا وسوريا.
أمّا في الحروب مع غزة ولبنان، فغالبًا ما دعمت أمريكا إسرائيل بالدعم العسكري والسياسي، كما زودتها بنظام القبة الحديدية. وخلال حرب 2006 في لبنان، رفضت أمريكا وقف إطلاق النار، مما أتاح لإسرائيل وقتًا أطول لتحقيق أهدافها العسكرية، بينما ترفع شعارات “الدفاع عن النفس” لتبرير هجماتها على المدنيين.
اليوم، نعيش حربًا جديدة تقتلع البشر والحجر وتدمر القرى، تحت ذرائع دعم “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. فهل أهداف إسرائيل موجودة في بيوت المدنيين؟ أم في مراكز الهيئات الصحية؟ هل أهدافها مزروعة في أسرة الأطفال والرضّع ؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها حول مصير لبنان والثروة النفطية التي ربما تكون القشة التي تقصم ظهر البعير. وكأنّنا محكومون بالبقاء خلف شاشات التلفاز، ننتظر “الثلاثاء الكبير” عسى أن يأتي بجديد، رغم معرفتنا الأكيدة بأن هذه الدولة المتغطرسة، مع أيّ رئيس كان، هي العدو الأكبر لكل من يسعى للتقدم في العالم العربي.
عشتم وعاش “العم سام”، الذي لا ولن يخرج “الزير من البير.”