كتبت ليندا حمورة | ليفايثين: كنز الغاز الشرقي وتأثيره الجيوسياسي على سوريا ولبنان وفلسطين
ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية
غاز البحر المتوسط سيغرق شرقنا بالدماء
“هل تساءل أحدٌ منكم عن سر دخول أميركا في حرب مع (إسرائيل) في وقت تدعم فيه أوكرانيا ضد روسيا، وفي زمن يشهد اقتصادها تدحرجًا غير مسبوق؟ وهل لهذه الدرجة (إسرائيل) الصبيّ المدلل لدرجة دعمه ومساندته بأضخم الأسلحة والبوارج الحربية والغواصات؟ أسئلة كثيرة والجواب واحد…
غاز المتوسط، نعم، إنه ذلك الكنز الكبير الذي تغمره مياه المتوسط. إنه الغاز الذي سيشعل عالمنا العربي من مشرقه إلى مغربه. في ظل العقوبات الموجهة من الاتحاد الأوروبي بحظر الغاز والبترول الروسي، فهذا إن دلّ على شيء فهو شحّ أوروبا من الغاز والبترول الروسي الذي كان يشكل الشريان الرئيسي لإحياء أوروبا بسيول البترول!
اليوم، من بين الدول التي تمتلك احتياطًا كبيرًا من النفط والغاز والتي تتصدر المرتبة الثانية عالميًا هي: “إيران”. والأخيرة كانت قد وقّعت على عقد اتفاق نووي مع الولايات المتحدة والأعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا في عام ٢٠١٥. وجاء اليوم الذي أعلن فيه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب في 8 مايو عام ٢٠١٨ رسميًا خروج بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، وفرضوا عليها حزامًا من العقوبات. وهكذا أصبحت إيران غير قادرة على بيع النفط والغاز لأوروبا. وباتت أكثر دولتين تمتلكان احتياطًا كبيرًا من الغاز (روسيا وإيران) مبعدين عن أوروبا. هنا، بات العالم الغربي وأوروبا وأميركا تحتاج ماسة لمصدر آخر للنفط والغاز كبديل عن النفط (الروسي والإيراني). فكانت المحطة (إسرائيل)، أي فلسطين، أي نفط غزة والشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ومن ضمنها لبنان وسوريا .في عام ٢٠١٠، تم إجراء مسح أرضي شامل حيث تم اكتشاف حقل غاز ضخم على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، يُعرف باسم “ليفايثين”. نظرًا لموقعه على الساحل الشرقي، فإنه مجاور لفلسطين ولبنان وسوريا. رفضت سوريا بيع حقوقها في الغاز ورفضت مشروع مد الأنابيب القطرية، وبعد ذلك اندلعت الحرب في سوريا، وكان التمويل (قطريًا، أميركيًا، إسرائيليًا). اليوم، يسيطر الولايات المتحدة على ثلثي سوريا حصريًا حول حقول الغاز السوري، وتقوم (إسرائيل) بقصف ميناء “اللاذقية” بشكل مستمر. ولم تنته الأمور في سوريا، حيث تم تدمير المرفأ الحيوي في بيروت بشكل مفاجئ وغامض في عام ٢٠٢٠. وهكذا، تستعرض (إسرائيل) بطولاتها الفكرية لحل أزمة النفط في أوروبا، وتبدأ في نشر مرافق عائمة لتخزين وتصدير الغاز. وبالطبع، يظل مصير الغاز اللبناني الذي تم سرقته ونهبه وبيعه غير واضح حتى اللحظة، وتظل (إسرائيل) تحاول إقناع العالم بعدم وجوده. وبعد تهديد السيد حسن نصر الله لـ (إسرائيل) بالرد على أي اعتداء على حقول الغاز، تطلب الأخيرة دعمًا من حليفتها الأميركية. اليوم، تعيش غزة تحت الحصار منذ عام ٢٠٠٧، ويُمنع أهلها من صيد أي سمكة من بحرها الغني بالغاز. أتت حرب إبادة أهل غزة وأطفالها ومستشفياتها لتجعل الموانئ اللبنانية والسورية والفلسطينية غير مشغولة، والميناء الوحيد هو ميناء حيفا!
في عام ١٩٩٥، غزت أميركا العراق تحت شعار النفط مقابل الغذاء، وهل الغزو الحالي لفلسطين يأتي بشعار آخر: النفط مقابل السلام؟ إنها تطورات العصر التي نشهدها بدون خيارات، ومشروع شرق أوسط مُحتل جديد. فمن يستطيع الخروج من قمقم القمع ويصرخ عاليًا كفى!