كتبت ليندا حمورة | صراع القلوب مع تحديات العصر
ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية
صراع القلوب مع تحديات العصر
الشغاف، الفؤاد، المضغة، اللب، الحشاشة، الجنان، الخافق… جميعها مرادفات لذلك العضو الذي يمنحنا الحياة ويسكن داخل قفصنا الصدري محاطاً بأسياج تقيه من الكدمات الصغيرة، لكنها لا تستطيع حمايته من سلطوية العقل وتأثيره على صحته … قلوبنا رؤساء أجسادنا بهم نستمد أنفاسنا ومن خلالهم نستطيع أن نمنح حياتنا سكينة واطمئنان …
تنوّع الأسماء التي يمتلكها القلب، تعكس تنوع الأدوار التي يلعبها في حياة الإنسان، سواء من الناحية الجسدية، الفكرية، والعقلية، إن هذا العضو العضلي المجوّف الذي يسكن في منتصف القفص الصدري، مائلاً قليلاً نحو اليسار هو المسؤول الوحيد عن ضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم، وهو محور الجهاز الدوري الذي يضخ الدم المؤكسج من الرئتين إلى الأنسجة، يعيد الدم غير المؤكسج إلى الرئتين لتجديد الأوكسيجين، ويتأثر القلب بعوامل كثيرة تؤدي به إلى الهلاك والتعب وكثيراً من الأحيان يتوقف عاجزاً عن الاستمرار بوظيفته مما يسبب الموت المفاجىء…
بينما تؤثر تلك العظام الصدرية في حماية قلوبنا من الصدمات المادية، فإن عقولنا ومشاعرنا قد يكون لها تأثيرا عميقا على صحة قلوبنا وخلل وظائفها، ومن أهم تلك المؤثرات :
التوتر والضغط النفسي : هذه الأمور قد تؤثر على صحة قلوبنا، مما يساعد في ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب …
المشاعر السلبية: مثل الغضب والحزن يمكن أن تزيد من إفراز هرمونات التوتر التي تؤثر على صحة القلب.
في المقابل لا بد من الإشارة بأن التفكير الإيجابي والمشاعر السعيدة يساعدان على تحسين صحة القلب من خلال دعمهما لنظام المناعة .
طبعاً هنالك أسباب كثيرة تؤدي إلى أمراض القلب بعضها قابل للتعديل والبعض الآخر غير قابل :
من اهم العوامل القابلة للتعديل :
-النظام الغذائي غير الصحي
-قلّة النشاط البدني
-التدخين
-شرب الكحول
-الإجهاد والتوتر
ومن العوامل الغير قابلة للتعديل :
-العمر
-التاريخ العائلي
-الاستعداد الجيني
وهنالك عوامل صحية أخرى لا بد أن نشير إليها مثل :
-إرتفاع ضغط الدم
-إرتفاع مستويات الكوليسترول
-داء السكري
-السمنة
قديما كانت أمراض القلب بالنسبة لنا محصورة بفئة عمرية محددة، ونادرة إلى حد ما، أما حاضرنا فقلب السحر على الساحر وبات للشبان والأطفال حصّة كافية من أمراض القلب والشرايين، وهذا إن دلّ على شيء محدد فإنه يدل على نظام حياتنا الذي بات بعيداً عن الطبيعي والصحّي، وهموم الناس التي ازدادت رغم التطور العلمي والتكنولوجي، لذلك نحن اليوم نعيش خطراً جديداً يهدد صحتنا ومستقبلنا وهو خطر الإصابة بأمراض القلب، التحديات الحالية تفرض علينا النظر في كيفية تأثير نمط الحياة الحديث على صحتنا والعمل على تحسينه من أجل حماية الأجيال القادمة.
لعبت التكنولوجيا دوراً بارزاً في عصرنا هذا في تغيير نظامنا الحياتي، إذ أن المكوث المفرط خلف الشاشة أفقدنا الحركة والنشاط وجعل منا شبه أجساد فاقدة للتمرين الرياضي والليونة البدنية .
.يظل القلب، ذلك العضو الحيوي والمميز، رمزًا للحياة التي نعيشها، حيث يتجاوز دوره كأداة لضخ الدم ليصبح مهدًا لمشاعرنا وأحاسيسنا.لذا دعونا نعيد تعريف علاقتنا مع قلوبنا، ليس فقط كمصدر للحياة، بل كرمز لرعايتنا واهتمامنا بأنفسنا وبمستقبلنا. لنجعل من كل نبضة في قلوبنا دعوة للتغيير الإيجابي، ولنبنِ حياة مليئة بالصحة والسعادة والاطمئنان، حيث يكون القلب دائمًا في أفضل حالاته، ينبض بالحياة والأمل .