ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن عصابات بشرية تعمل على استغلال الأطفال والقاصرين واغتصابهم بأبشع الطرق. ما من جريمة على وجه الكوكب أخطر من جريمة اغتصاب الأطفال، فهي تدمّر وتهشّم وتصدّع نفوس وأجساد الضحايا وتجعل منهم قنابل موقوتة لمستقبل قد ينفجر قبل أن يحين موعده.
الطفولة هي أجمل مرحلة يمر بها الإنسان، وهي الأساس الذي يُبنى عليه المستقبل. إنها الفترة التي يكتسب فيها المرء أسمى القيم وأجمل الذكريات. إنها المرحلة الذهبية التي يكتشف من خلالها الطفل العالم من حوله بعيون مليئة بالدهشة والإعجاب. وها نحن اليوم نتعجّب من كل ما يحصل حولنا من تحطيم وافتراس وتهشيم واستغلال واستنزاف بحق الطفولة والأطفال. بات العالم مرعبًا والحياة مقلقة، ولكن لماذا يحصل كل هذا في مجتمعنا؟
بغضّ النظر عن طريقة الاستغلال التي يتعرض لها الأطفال اليوم، سواء كانت بطريقة مباشرة مثل الاعتداء الجنسي، أو غير مباشرة عن طريق التحرش اللفظي أو الأفلام الإباحية، فإن هذه الأعمال تعدّ جريمة خطيرة تترك آثارها البالغة على الضحايا. لا بدّ أن نذكر بعض الآثار التي قد تصيب الأطفال:
الآثار النفسية والاجتماعية:
إن التعرّض للتحرش والاعتداء الجنسي قد يسبب أضرارًا نفسية عميقة نذكر منها:
التوتر والقلق والاكتئاب: كثيرة هي الحالات الاضطرابية التي قد يصاب بها الأطفال الذين يتعرضون لحالات تحرش واغتصاب. قد تستمر هذه الحالة لفترة طويلة الأمد، وتؤثر كثيرًا على نموهم وصحتهم.
عدم الثقة بالعلاقات: بسبب التعرض للاعتداء في الطفولة، ينمو عند الأطفال الخوف من الآخرين وعدم الثقة بالناس. يؤثر هذا على علاقاتهم ويعطيهم انطباعًا سلبيًا بسبب التجارب المخيفة التي تعرضوا لها.
التقصير في التحصيل العلمي: هؤلاء الأطفال يجدون صعوبات كبيرة في مدارسهم، لأنهم فقدوا القدرة على التركيز، فنجدهم غير قادرين على تحصيل شهادات علمية.
في هذه الحالة يجب على المجتمع اتخاذ إجراءات فعالة لحماية هذه الفئة ومساعدتها:
نشر الوعي والتثقيف: من خلال برامج تثقيفية وتعليمية حول التحرش الجنسي ومفاهيمه.
وضع قوانين صارمة: يجب وضع أشد العقوبات لمرتكبي الجرائم بحق الأطفال، لردع الأشخاص عن القيام بمثل هذه الجرائم.
تأمين الدعم النفسي للضحايا: يجب أن يكون هناك فريق خاص يُعنى بالأمراض النفسية والاهتمام بمثل هذه الحالات، ويقوم بدعم الضحايا ومتابعتهم لفترة زمنية.
كثيرة هي المبررات التي قد نجدها اليوم كعناوين للدفاع عن مرتكبي الجرائم بحق الأطفال، مثل الفقر أو الحالات العصبية والنفسية أو الحروب، ولكن كل هذه مبررات لا محل لها من الإعراب. فتحت الباب للإجرام، وضمّت تحت سقفها الأطفال، وكسرت قلوبهم وقلوب أهلهم، وأسكنت الخوف في نفوسهم، وباتوا يحفرون أفعال الماضي في مخيلاتهم وينتظرون الحكم بأشد عقوبة على الفاعل وجره إلى خشبة الإعدام.
مكافحة التحرّش بالأطفال والقاصرين ليست مهمة سهلة، لكنها ضرورية لبناء مستقبل أفضل للمجتمع. يتطلب الأمر جهدًا مشتركًا من الجميع، بما في ذلك الحكومات، المؤسسات، الأسر، والأفراد. من خلال التوعية، التشريع، والدعم المستمر للضحايا، يمكننا أن نخلق بيئة آمنة ومحمية لجميع الأطفال، حيث يمكنهم العيش دون خوف من الانتهاك والتحرّش.