كتبت ليندا حمورة | السجادة الحمراء: بين الإبداع والابتذال
ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية
في زمنٍ أصبح فيه الجسد هو اللغة السائدة والمنبر الذي يتحدث عن صاحبه، تراجعت معايير القيم والأخلاق لتحل مكانها معايير تعتمد على الاستعراض والابتذال. فما نشهده اليوم على السجادات الحمراء من مشاهد أقرب إلى عروض الجسد منها إلى تكريم الفكر أو الإنجاز، يعكس واقعًا محزنًا يفضح خواء العقول وانحراف الأولويات.
لم تعد السجادة الحمراء منصة تُبرز من خلالها الإنجازات الثقافية أو الفنية أو الإنسانية، بل تحولت إلى مسرحٍ لاستعراض الملابس الفاضحة والخيارات التي غالبًا ما تتسم بالخلاعة بدلًا من الإبداع. والمفارقة الكبرى أن الشخصيات التي يتم تكريمها، ليست دائمًا جديرة بهذا التكريم، إذ تُكرَّم أجسادها بدلًا من أفكارها، وأزياءها بدلًا من إنجازاتها.
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف انحدرت الشهرة من منصات الفكر والإبداع إلى عتبات الجسد واللباس؟ هل أصبح المظهر الخارجي معيارًا للقبول الاجتماعي؟ وهل باتت الشهرة مرتبطة بمدى الجرأة في اللباس بدلًا من مدى العمق في العطاء؟
الأدهى والأمر أن هذا الانحراف لا يعكس فقط أزمة في الأذواق العامة، بل يكشف عن انهيارٍ ثقافي خطير. حين تصبح العورة الحقيقية هي الفراغ الفكري الذي يملأ عقول البعض، فإن الجسد العاري يصبح مجرد انعكاسٍ لهذه العقول العارية.
علينا أن نعيد النظر في المعايير التي نحكم من خلالها على الشخصيات العامة. الشهرة ليست بالجرأة في اللباس، بل بالجرأة في الإبداع. التكريم ليس على السجادة الحمراء، بل في ميادين الفكر والعمل والإنجاز الحقيقي. ما نحتاجه اليوم هو العودة إلى تقدير العقول المستنيرة التي تستحق أن تكون عنوانًا للأجيال القادمة، بدلًا من أن نترك للأجساد العارية السيطرة على المشهد.
السجادة الحمراء، في جوهرها، يجب أن تكون مساحةً للاحتفاء بالثقافة والفن والإنسانية، لا مسرحًا للانحلال والابتذال.