كتبت ليندا حمورة | ” التيك توكرز وتفاهة اللقب “
ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية
نعيش اليوم صراعاً خبيثاً في مجتمع تعددت فيه الألقاب، وزادت فيه الشخصيات المنمقة، المزيفة المصنّعة كالوجبات السريعة! يبدو أنّ هذا العالم قد اقترب من الهاوية أو لحظة الصفر باتت قريبة لينقلب السحر على الساحر وتتكشف الحقائق وتنتهي الحياة من شدّة تعبها وحملها الثقيل لكائنات زادت تفاهاتها أطناناً وأطنانًا…
في عصر التطور والعلم والمعرفة والفكر علينا أن نزداد ثقافة ورقياً، فكيف لهذا التطور أن يسلبنا ثقافتنا ويجعلنا كائنات مزيفة تافهة مكانها الوحيد هو خارج هذا الصرح الإجتماعي المبني على الأدب والتربية الصالحة، فمنذ ظهور “التيك توك” ونحن نشهد انبلاجاً جديدًا لأشخاص أكثر ما يمكن وصفهم به هو “حثالة المجتمع” هذه الجماعات بسخافة المحتويات التي يقدمها أفرادها وبسلاطة لسانهم وخلاعتهم استطاعوا أن يجمعوا أعدادًا هائلة من المشاهدين الذين يهوون صنّاع الخلاعة وقادة الفسق والفساد…
ماذا يعني أن تنتشر على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار عناوين مثيرة لشخصيات لا محل لها من الإعراب غير أنها ممنوعة من الصرف؟ ماذا يعني خيانة زوج فلانة مع صديقتها فلانة؟ وما الذي يهمّنا إن خانها وان تزوّج عليها أصلاً؟ لم كل هذا الضجيج؟ ولم هذا الاهتمام بأمور أتفه من أن نفكر بها؟ وهل من شخص منا لا يعاني من مشاكل وخالٍ من الهموم؟ وهل نعيش في وطن نتمتع فيه بكل أسس السلام والأمان لنلهو بأخبار لا تجدي نفعاً؟
إن هذا التركيز الشديد على استخدام التيك توك يؤدي إلى تحول اهتمامات الأشخاص بعيدًا عن الأنشطة التقليدية، وعن التعليم واكتساب المهارات، قد ينجذب الأشخاص إلى قضاء ساعات طويلة في مشاهدة مقاطع الفيديو أو إنتاجها دون النظر إلى الفوائد الطويلة الأجل للاستثمار في التعليم وتطوير الذات. فمن السهل أن تطلق على نفسك صفة طبيب ولكن هل هذا يعني أنك تجيد ممارسة مهنة الطب؟ للأسف حتى الأطباء الذين قضوا نصف عمرهم بين المجلدات والكتب والأبحاث والتجارب باتوا اليوم لا فائدة لشهاداتهم أمام صنّاع المحتويات أي أطباء السخافة والسذاجة!
جلّ ما نطلبه ونريده من أفراد هذا المجتمع أن يمعنوا النظر جيدًا في مدى تأثير بعض برامج السوشيل ميديا على الأجيال الحاضرة والقادمة، فإذا استمررنا على هذه الوتيرة سنشهد أجيالاً فاسدة ستغرق مجتمعنا في بحر من التلوث والانحطاط والتفاهة، وعشتم وعاش أصحاب الفكر والمنطق…