فاطمة شكر | كاتبة واعلامية لبنانية
“تمخض الجبل فولدَ فأراً”. فبعد أشهرٍ من انتظار عقد مجلس الوزراء لجلسةٍ وزارية لمناقشة قضايا البلد العالقة والصعبة، وبعد أن وافق كلٌ من حزب الله و”حركة أمل” على العودة إلى جلسات الحكومة من أجل إقرار الموازنة ورفعها لصندوق النقد الدولي للحصول على المساعدات التي هي بالأساس مقرونة بالإصلاحات، ومناقشة خطة التعافي الإقتصادي، نتيجة ما يمرُ به لبنان من أزمةٍ معيشيةٍ وإقتصادية ومالية، واستجابةً لحاجات المواطنين، خرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فجأة، ليتلو المقررات التي لم يتفق عليها أصلاً مع الوزراء، مما أثار بلبلةً كبيرة بين الوزراء قاطبةً، وبين بعض القوى السياسية التي عبّرت عن رأيها بشكلٍ واضح.وفي المعلومات، فإن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خرج الى الإعلام بعد أن حدث شيء من خارج جدول الأعمال، علماً أن عدداً من الوزراء طلبوا التوضيح عما يجري، لكن دون جدوى ودون أي رد، لكن فجأة تمّ رفع الجلسة، وقد حسم الوزراء عدم مناقشة الموازنة، إضافةً الى عدم طرحها على التصويت أصلاً.
وكان عددٌ من الوزراء قد طرحوا اقتراحات مفيدة وفاعلة تخففُ من الأعباء على المواطنين، لكنها لم تأخذ حيزاً من البحث، علماً أن بعض هذه الإقتراحات ستكون أفضل حتماً من زيادة الرسوم والضرائب التي ستطال جميع اللبنانيين وتساوي بين الفقير والغني، الذي أساسا لم يعد يقوى على شراء أبسطِ حاجياته بسبب ارتفاع الدولار وانهيار العملة اللبنانية، وقد تركز البحث في جلسة يوم الخميس الفائت حول بند الدولار الجمركي، أي “دولار الرسوم”، والذي لن يكون محصوراً بالجمارك انما سيمتدُ للإتصالات والتسجيلات العقارية وغيرها، وهذا ما لن يتحمله المواطن، وتحديداً الطبقة الفقيرة التي وصلت خلال هذه الأزمة الى ٦٥ ٪ في لبنان.مصدرٌ سياسييٌ أكدَّ أن ما جرى في جلسة مجلس الوزراء هو مخالفٌ للدستور، وهناك خيوطا مخفيةً وضغوطاتٍ مورست على رئيس الحكومة، ما دفعه للخروج وإعلان مقررات الجلسة، لكن هذا لا يمنعُ من التأكيد بأنه هو المسؤول عما جرى، وأشار الى أن حزب الله شكل لجنةً لمناقشة الموازنة حرفاً حرفاً، وقد كلف وزير الأشغال علي حمية و وزير العمل مصطفى بيرم تقديم المقترحات في الجلسة التي تساعد المواطن على تخطي هذه الأزمة ولا تستهدفُ أمواله.
وأكد المصدر السياسي أن إتصالاتٍ لا زالت تجري منذ جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي حصل فيها ما لم يكن في الحسبان، لتدوير الزوايا بين الرئيس ميقاتي والثنائي الشيعي بغية حل الخلاف الذي نشأ بين الجهتين، وأكد أن بيان رئيس الحكومة حول التعيينات وعدم الأخذ بآراء الوزراء سيؤدي الى صدام مع الثنائي الشيعي، كما أن الأمور ستتدهور حتى موعد الانتخابات المقبلة في حال لم تصل المشاورات الى نقطةٍ إيجابية، وتابع إن هذه الموازنة هي موازنة رئيس الحكومة، وأن الأمر يجب أن يعالج وبشكلٍ فوري منعاً للمزيد من التأزم .على خطٍ موازٍ، تشيرُ المعلومات الى أن هناك تقدما ملحوظا في ملف ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي قبل نهاية شهر شباط، و قال مصدرٌ ديبلوماسيٌ أجنبي أن مفاوضات فيينا بشأن الملف النووي الإيراني تتقدمُ بشكلٍ إيجابي، وأن الإعلان عن الإتفاق قد يكون بحدود الاثنين في ٢١ شباط، و هناك إصرارٌ من الإدارة الأميركية على إنجاز الإتفاق النووي واتفاق ترسيم الحدود للبنان قبل نهاية شباط الحالي .لا شكَّ أن هذه الظروف الضاغطة تطرح التساؤلات عن إمكانية الخروج من الأزمة، وعما جرى في جلسة مجلس الوزراء، في حال لم يعالج بطريقةٍ سريعة سوف تكون له تداعياتٌ خطيرةٌ ومزيدٌ من التشرذم. كيف سيتعامل الثنائي الشيعي مع الأفخاخ التي وُضعت أمامه ؟الأكيد أن كل ما حصل ويحصل من محاولاتٍ لإفشال الخطط التي يضعها البعض من أجل إعادة لبنان ووضعه على المسار الصحيح، يتعلقُ بمجملِ الخطط التي دبرتها الولايات المتحدة ومن تعامل معها في الداخل اللبناني، وصولاً الى تحقيق أهداف أميركا وفرض المزيدِ من الشروط على اللبنانيين، بغية تحقيق مصالحها التي تخدمُ أهدافها في المنطقة…
الديار