كتبت فاطمة شكر | الطائفة السنيّة الى أين… ومن سيُمثلها في الإنتخابات النيابية بعد عزوف الحريري ؟
فاطمة شكر | كاتبة واعلامية لبنانية
لا شك أن الطائفية البغيضة هي التي تحكم لبنان منذ تأسيسه، ولا شكَّ أن البعض يعتبرُ أن التعدد الطائفي والتعايش هو الذي يزيدُ من رونق لبنان، لكن المحتم أن لكل طائفةٍ حصةٌ من الرئاسات الثلاث ومن المقاعد في مجلس النواب، وعددٌ من الحقائب الوزارية، إضافةً الى توزيع المناصب والوظائف على هذه الطوائف، دون الأخذ بعين الإعتبار الكفاءة ونظافة الكف.
منذُ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام ٢٠٠٥ يواجه المكون السنِّي في لبنان الكثير من المشاكل، ويعزو البعض ذلك الى تطورات المنطقة، ودور دول الجوار، لا سيما ايران والسعودية، وتأثير الدولتين على الساحة اللبنانية، إضافةً الى التطورات الإقليمية التي تنعكسُ بشكلٍ مباشرٍ على الشأن الداخلي اللبناني، ناهيك عن تأثير المنظمات الإرهابية على المكوّن السني الذي عمل على تغيير نظرتهم لمفهوم المقاومة، عقب شعار “الربيع العربي”. كل هذا أثر بشكلٍ كبيرٍ على الطائفة السنيّة وأظهر عدم الإنسجام بين المكوّن السني المتمثل بـ “تيار المستقبل”، و “الجماعة الإسلامية”، و “هيئة العلماء المسلمين”، ورئاسة الوزراء، ودار الإفتاء، والأحزاب القومية، على الرغم من تشديد دار الإفتاء على التكاتف والتضامن من أجل الحفاظ على المكوّن السني في لبنان.
وتقول المعطيات إن الإنتخابات البرلمانية التي من المقرر اجراؤها في أيار ستشهدُ تبلوراً لبعض الزعامات المحلية السنيّة، إن كان في بيروت أو طرابلس أو البقاع الغربي أو عكار، أما الفراغ الكبير فسيكون في صيدا نتيجة عزوف كل من النائبة بهية الحريري وأحمد الحريري وعبد الرحمن البزري عن الترشح، وفيما خص النائب فؤاد المخزومي، فقد نقل البندقية من كتفٍ إلى كتف في محاولة لشد العصب عند الشارع السني وتحميله ما لا يتحمل من خطاب معاد لباقي الفرقاء في الوطن .
في الشكل تواجه الطائفة السنية تحدياتٍ تتمثل بعلاقتها مع ايران، ومع المقاومة ضد “إسرائيل”، ودورها الداخلي الذي تعرض للاهتزاز في المرحلة الأخيرة بسبب التبدلات الإقليمية وتحركات ١٧ تشرين الأول عام ٢٠١٩ التي أدت إلى استقالة مجلس الوزراء وجعله شاغراً أو حتى الى تجميد أعماله بسبب الخلافات الحادة بين القوى السياسية دون غيره من الرئاسات.
على العموم يمكن الجزم بأن المكوّن السني اللبناني لازال يعاني، ولعل انسحاب الرئيس سعد الحريري من العمل السياسي، وتحديداً من الإنتخابات النيابية التي من المقرر اجراؤها في أيار، والذي يُعتبرُ العصب الأساسي لقوة هذه الطائفة، جعلَ من الشارع السني الكبير الموالي له متشنجاً، لا بل رافضاً لباقي القوى السياسية السنية الأخرى، وهذا ما يقودُ الطائفة إلى مزيدٍ من التشرذم ، خصوصاً بعد تخلي السعودية عن الحريري، لا بل محاصرته من كل الجهات ودعمها لسمير جعجع، إضافة الى عدم تقديم المساعدة إلى أفراد الطائفة السنية بعد الانهيار الاقتصادي الكبير الذي شهده لبنان.
وبذلك أنهى الإعلان، الذي أصدره سعد الحريري، دوره في الحياة السياسية الطائفية في لبنان قبل أربعة أشهر من الانتخابات النيابية، بعد أن حل لتولي الدور السياسي عقب اغتيال أبيه، وبهذا يكون قد فتح الباب أمام أخيه بهاء الحريري المجاهر بعدائه لحزب الله والموالي بقوة لتركيا والسعودية، وسيخوض بهاء الحريري معركة “استرداد الوطن من محتليه، و سيستكملُ مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري”، كما أعلن منذ فترة .
فهل أبناء الطائفة السنية على استعداد أن يكونوا وقودًا في محرقة توصل زعماء جدد الى السراي الكبير؟ وهل ستدفعُ الطائفة السنية ثمن مواقف زعمائها؟ من سيمثل الاعتدال في الطائفة السنية؟ كل هذه الأسئلة وغيرها، تبقى مسار جدلٍ وبحثٍ حتى موعد الانتخابات البرلمانية في حال حصلت في موعدها…