كتبت سماهر الخطيب | حقيقتنا الخبيثة..

سماهر الخطيب | كاتبة وباحثة

حقيقتنا الخبيثة..
أيها الشهداء رفقاً بِنَا..
وكفاكم..
كفاكم دروساً في التضحية والبطولة..
كفاكم عطاء..
وكفاكم عناء الرجولة..
فنفوسنا بالخبث معجونة.. ومن بطولاتكم خجولة..
لا تناظرونا من السماء بغضب..
ولا تحادثونا تحت الأرض بعتب..
لا تشعلوا لهيب الشوق والجوى..
فقلوبنا صمٌّ بكمٌ إلا عن دروب الهوى..
لا تخاطبونا عن أوجاعكم قبل استشهادكم..
لا تصفوا لنا كيف استبسلتم حتى حررتم الأرض..
وكيف ارتوت بدمائكم النقية..
لا تستنفروا.. ولا تعدّوا العُدّة..
فعقولنا مغلفة عليها تلك العقدة..
لا نهابُ صمتكم..
فصراخنا في البارات والمقاهي وعلى شواطئ البحار…
نسهر.. نسكر.. نرقص.. نداعب الجُبن داخلنا..
وتنتشي في أعماقنا سكراتُ الأنا..
لتستبيح آمالكم.. وتغزو أحلامكم..
وتطلق العنان للضعف..
للخوف.. للهزل.. للصمت.. للجبن.. للحرب..
فنصحى..
قذائف وصواريخ.. طيران معادي ورصاصٌ طائش..
وأرتال منكم.. فنقوى بكم..
ولكن لا نلبث بعد الصحوة أن نغفى..
فعذراً منكم.. ياشهداء الأرض والسماء..
يا أرتال العزّ.. ونسور الكرامة..
يا أصوات الحق.. وعطر التراب..
عذراً من وجودنا أمام وجودكم..
عذراً من قهقاتنا أمام صمتكم..
عذراً من قرع كؤوسنا على هامات تضحياتكم..
عذراً من غطرستنا أمام وجدانكم..
العفو منكم والمغفرة أيها الشهداء الأحياء..
جميعكم تستحقون الحياة..
ونحن من لم نشعر بأننا أحياء..
رغم كل ما نقوم به من حركات.. إنما هي لنا بعض التهيؤات..

لكننا دون شكٍّ في عَدادِ الأموات..

فهل لنا ببعض الدروس من كرمكم قبل الممات..
لنعي ما معنى أن تحيا بعزّةٍ وكرامة..
لو للحظات..

 

بلدنا نيوز

Exit mobile version