رندلى جبّور | كاتبة واعلامية لبنانية
أبعد من انعقاد جلسة حكومية هي “غير دستورية، وتطعن الشراكة في الظهر”، وفق ما يعتبر غالبية المسيحيين، هناك ثلاثة أبعاد خطرة لما يفعله الرئيس نجيب ميقاتي، ومَن خلفه، بدعوته تلك، عن معرفة أو بدون معرفة.
البعد الأول: تكريس عرف جديد يقضي بعقد جلسات لحكومة تصريف أعمال وبغياب رئيس للجمهورية. وهي، وإن بدأت بملف الكهرباء على اعتبار أن الناس لم يعودوا قادرين على احتمال العتمة، قد تنتقل إلى ملفات أخرى حسّاسة مثل التعيينات وغيرها، وربما نصل في الربيع المقبل، إذا بقي الوضع على حاله، إلى طرح التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة مثلاً، بحجة الضرورة وأن حاكمية المركزي “لا تحتمل الفراغ أو استلام شيعي زمام الحاكمية بدلاً من الماروني”، ويكون الجميع قد اعتاد على فكرة أن انعقاد مجلس الوزراء هو أمر عادي ويصبح في رأس العامّة وكأنه طبيعي، ويسلك المسار خلافاً لكل مقتضيات الميثاق والدستور والعيش الواحد.
البعد الثاني: تصوير مكوّن رئيسي في هذا البلد وكأنه ضد الناس برفضه فكرة انعقاد جلسة حكومية، على أساس أنها تنعقد لحلّ أزماتهم، وهذا غير واقعي، خصوصاً أن هناك ألف حل للأزمات، منها المراسيم الجوّالة والموافقات الاستثنائية واللجوء الى مجلس النواب الشرعي الذي انتخب في أيار الماضي. وبالتالي وضع الناس في مواجهة أفرقاء سياسيين يعملون من أجلهم، وما يمكن أن تكون لذلك من عواقب، وإعادة إحياء المنظومة إياها المتحكمة بالبلاد والعباد، والتي أوصلتنا الى جهنم المشتعلة فينا جميعاً.
البعد الثالث: الضرب أكثر في العلاقة بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، والتي صمدت في أعتى الظروف، بدءاً من حرب تموز 2006 وحتى يومنا هذا.
وهذه العلاقة كانت ركناً رئيسياً من أركان الحفاظ على الاستقرار الداخلي وعلى مواجهة الأعداء، وخصوصاً “إسرائيل” والارهاب، وحمت الوحدة الوطنية، ونقلت لبنان من كونه بلداً تابعاً إلى وطن مقاوم، وأسست لفكرة إمكان نسج علاقات مع الشرق كما مع الغرب.
وضرب هذه العلاقة، يعني ضرب كل ما سبق ذكره من إيجابيات، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وهذا يستدعي من المسؤولين في “الحزب” و”التيار” أن يعوا خطورة الانزلاق إلى المخطط القائم، مع إعادة البحث بعمق في التفاهم وطبيعته وثغراته، وتقييم التجربة، والخروج بورقة عمل تطبيقية لتنفيذ بند بناء الدولة، بدلاً من الذهاب إلى الطلاق الذي يجعل الشعب اللبناني في مواجهة بعضه البعض.