كتبت رندلى جبّور | الى السيد هاشم صفي الدين

رندلى جبّور | اعلامية لبنانية

لم يكن اللقاء عادياً مع سماحتك…
أنت الكثير خلف سماحة وجه، والثقافة في هدوء لافت، واللدغة الجميلة في خطاب متقن، والعمق في زمن السطحية، والبعد في عصر السرعة، والاستراتيجيا في وقت التكتيكات المسلوقة، والجواب الحاضر لكل سؤال أو خاطرة أو هاجس، والدقيق في أيام الكلام الكيفما كان، والحاضر في كل مفصل من لبنان!

سماحة السيد،
الكتابة عنك ولك ليست بالأمر السهل.
فمعك كنا في حضرة السهل الممتنع. في حضرة وطن بواقعه ومشاكله وتفاصيله من دون مواربة أو زيادة أو نقصان.
معك كنا في عالم آخر مع أنه عالمنا بالضبط.
كنا نسبح في بحر من الفكر، وفي كل سطر حكمة، وفي كل قول أطروحة وحبر كثير.
معك أمضينا وقتاً غنياً، وسبرنا أعماقاً نفتقدها في يومياتنا المثقلة.

مهمة هي العناوين التي طرحناها، ولكن الاهم كانت مقاربة هذه العناوين.
لافت هو الصدق الذي ظلّل حديثك، ولافتة أكثر الجرأة التي كنتَ متسلحاً بها. هي جرأة الواثق والعارف وجرأة الوطني الذي نريد بناء هذا الوطن معه، ونقطة على أول السطر كما يقول السيد حسن نصرالله.

لم أعد أؤمن بفائض القوة بقدر إيماني بفائض الحكمة والصبر والبصيرة والعمق والمعرفة التي تمتلكونها، تلك التي تضع النقاط والفواصل واضحة وفي مكانها.

لم أعد أكترث للتفاصيل الصغيرة أنا المتحررة منها أصلاً، فالمفاصل الاساسية أبعد بكثير!
والعلاقة التي أعوّل عليها منذ العام ٢٠٠٦ والحريصة على تثبيتها وتطويرها، بتُّ متمسكة بها أكثر من أي وقت مضى.
تلك العلاقة هي الافق الذي سيعيد صياغة هذا الوطن، والذي سيعيد تركيبه على أسس واعية، واعدة ونظيفة.

نحن معاً ورثنا الموبقات ولكننا معاً سنمحوها.
نحن معاً غطسنا في الواقعية السياسية ولكننا على متن الواقعية سنحقق الحلم بلبنان أحلى وأقوى.
نحن معاً دخلنا الى الدولة المهترئة ولكننا بإرادتنا المشتركة سنخرِج المافيا من هذه الدولة.
نحن معاً خضنا مسارات ولكن هذه المسارات ستقودنا حتماً ومعنا الشعب الى حيث لا يجرؤ الآخرون او لا يكترثون لأنها لا تحقق مصالحهم الضيقة.

سماحة السيد،
شكرا على وقت ثمين وعلى كلام ثمين.
شكرا على الاصغاء وعلى التفهم.
شكرا على سعة العقل ووسع القلب.
شكرا على الوضوح من دون استفزاز، وعلى الحقيقة من دون قفازات، والاهم الاهم على الحرص على لبنان البلا حروب ولا تقسيم والبعيد جداً من الرهانات على الخارج ومن الارتهانات له…

من القلب والعقل وبكل محبة وجرأة، أنحني أمام عمامتك الاكثر مسيحية من مسيحيين كثر، والاكثر وطنية من حاملي الشعارات المرمية فقط للاستهلاك اللحظوي.

ويبقى لي حلم شخصي وهو اللقاء بسماحة السيد حسن نصرالله، فيكون خاتمة لقاءاتي بالشخصيات التي أتطلع إليها باحترام وانحناءة وشغف كبير.
فهل يمكن لهذا الحلم أن يتحقق؟
آمل ذلك والى المزيد من اللقاءات مع سماحتكم.

Exit mobile version