رندلى جبور | كاتبة وباحثة لبنانية
على هامش زيارة الرئيس سعد الحريري السريعة إلى لبنان في ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قد يسأل البعض إذا كانت المملكة العربية السعودية التي أبعدت الحريري الابن عن الحياة السياسية، يمكن أن تعيده إليها، في ظل عدم بروز زعيم سني بديل.
ولكنّ متابعين لسياسة ولي العهد محمد بن سلمان، يؤكدون في مجالسهم الخاصة، أن السعودية ليست في هذا الوارد، وهي قطعت ورقة الحريري السياسية نهائياً، تاركة له هامشاً في عالم الأعمال في دول خليجية أخرى. وسياستها الجديدة ترتكز على “التنوع داخل كل طائفة”.
سنياً، تفضّل المملكة عدم الاحتكار، ونسج علاقات مع زعامات مناطقية متنوعة. وهي على هذا الأساس اشتغلت انتخابات المفتين الأخيرة التي كانت متوقفة منذ عقود، فدعمت مرشحين غير تابعين لجهة واحدة، وخاضت الاستحقاق على أساس أن لكل منطقة مرشحها وفريقها.
كانت مثلاً مع مرشح عبد الرحيم مراد في البقاع الغربي، ومع الجميع بلا “المستقبل” في طرابلس، وضد مرشح البعريني في عكار، تاركة بيروت للمفتي عبد اللطيف دريان الذي بردت علاقته بالحريري. وهي وسّعت مروحة اتصالاتها في الداخل لتشمل عدداً غير بسيط من السياسيين.
وحتى مسيحياً، لم تعد المملكة ترغب في التعاون الآحادي مع رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي فشل في تنفيذ أجنداتها، وباتت تفضل الانفتاح على أطراف مسيحية أخرى، ولو انها تعرف أن هذه الاطراف ليست من التابعين أو منفّذي الأجندات. ولافتاً كان إصرار السفير السعودي وليد البخاري على دعوة نائبي “التيار الوطني الحر” في البقاعين الاوسط والغربي، إلى مائدة غداء في زحلة، بعيداً من الاعلام، والجلوس بينهما.
السعودية على مسافة وسط من لبنان الآن، فهي خففت من اهتمامها البالغ به لأن همّها اليمني يطغى، ولكنها لا تريد الانسحاب من الساحة نهائياً، لأنه سيأتي وقت ترغب فيه بالعودة بكل ثقلها.
وعليه تعتمد في هذه الفترة استراتيجية تعدد الاقطاب وكسر الاحتكار وخلق التنوع في العلاقات!