رباب تقي | اعلامية لبنانية
منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول المنصرم، وانطلاق عملية طوفان الأقصى وما رافقها من الهمجيّة الإسرائيلية من عدوان وفتك بحق أهل غزة، لم ينتابني أي شعور بأن ظهور الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أمر موجب أو ضروري أو ملح أو حتى مهم في هذه المرحلة.
الأمر هذا لا يتعلّق بمجرّد شعور، فهو أيضاً قرار ورأي مقتنعة به تماماً. كما، وحتى لا تكون فرصة للمصطادين في الماء العكر، فالأمر نفسه نابع عن ثقة تامّة ومحبّة خالصة ويقين بهذا الرّجل الصّادق باختيار توقيت الظهور الإعلامي، وشكله، وآليّاته، ومضمونه، وأسلوبه.
كذلك لم أنتظر أيّ إعلان من سماحته.. كنت فقط أريد الاطمئنان عليه. كيف مرّت أيام العدوان عليه وكذلك ساعات الجرائم بحق أهلنا في فلسطين؟ كيف سيوازن موقفه بين الدّاخل اللبناني والخارج؟ كيف سيقنع الشعوب العربية بقراره وكيف سيكون ردّه على العدو؟ وكيف وماذا؟ أسئلة كثيرة كانت تراودني..
حتى أطلّ بموعد أُعلن عنه مسبقاً، تحت عنوان: احتفال تكريمي لشهداء على طريق القدس، ولم تكن الدّعوة حضوريّة في الضاحية الجنوبية فقط بل كانت في ٣ مناطق أخرى (النبطية، دي قانون النّهر، وبعلبك)؛ ولهذا الأمر رسائل عدّة.
لم أنتظر ظهور سماحة السّيد ولا بأيّ شكل من الأشكال، كما كان الجو العام لدى العدوّ والصدّيق. فالأوّل كان يريد معرفة قرار حزب الله، هل رضخ للاستفزازات؟ على ماذا ينوي؟ ماذا وراء الصّمت؟ لماذا كتب السّيّد رسالة خطّية؟ كان في حالة ترقّب شديد بعدما وصلت نسبة حيرته وقلقه إلى أعلى المستويات. أمّا الثاني فقد كان مشتاقاً لتلك الطّلّة البهيّة التي قد تعلن حرباً أو تؤدّي قسماً.
تابعنا جميعاً النّبض العام الشعبي العربي من العراق إلى اليمن ومصر والأردن وليبيا وغيرها من الدّول. بات اسم العائلة “نصر الله” على كلّ لسان، يُصدَح به في المظاهرات، وكأنّ صاحبها هو الخلاص الوحيد والأمل المتبقّي لديهم بعدما تأكّدوا أكثر أن الإنسانية لدى غالبية الحكام مضروبة بمصالح العدوّ؛ وبعدما تأكّدوا أن أشلاء آلاف الأطفال ليست مدرجة تحت قائمة ضمائرهم.
الهتافات والدعوات في الشارع العربي كان جلّ مطالبها أن يدخل حزب الله المعركة ويلقّن العدو خسارة تلو أخرى انتقاماً للمجازر التي يرتكبها في غزّة. وبطبيعة الحال فإنّ هذه المعركة كان قد دخلها الحزب في ٨ تشرين الأوّل/ أكتوبر ٢٠٢٣ أي في اليوم الثاني من معركة طوفان الأقصى كما أكد سماحة الأمين العام في خطاب ٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٢٣. معركة ارتقى خلالها أكثر من ٦٠ شابّاً من شباب المقاومة الإسلامية “على طريق القدس”.
الجو العام في الشّارع العربي كان متيقّناً من إعلان رسمي مباشر للحرب على الكيان الغاصب، بل أكثر من ذلك، جزء كبير منهم كان يتوقّع ضربةً مباشرةً على الهواء أثناء الخطاب.
علاقتنا بقادتنا لا تنمّ فقط عن حبّ وثقة بشخصهم وقراراتهم ونهجهم، كعلاقة أي جمهور بقائده أو أي شعب برئيسه. علاقتنا بهذا الإنسان علاقة عقائدية روحية:
إذا عقد حاجبيه، نشعر بالضّيق. وإذا ابتسم نبتسم، إذا هدّد نصرخ، وإذا مزح نضحك، إذا هتف نردّد خلفه، وإذا قرّر نكون معه، إذا تحدّث نقتنع، وإذا حارب نضحّي معه، إذا مرض نخاف عليه، وإذا صمت ننتظره بشوق، إذا رفع شعاراً اتّخذناه مساراً، وإذا قدّم معلومة حُفرت في ذاكرتنا.
ظهوره يعطينا “ويعطيه روح” كما يقول سماحته: “أنا بحب إجي عالمنبر وبحب كون بيناتكن ،ومتل ما إنتو بتاخدو روح فيي لمن كون أنا بيناتكن، ما تصدقوا قديش انا باخد روح فيكن لمن كون أنا بيناتكن”.
نحن نؤمن بقوله وبفعله اللّذين يختارهما بالزمان والمكان المناسبين لأي مرحلة، حرباً كانت أم سلماً.
وهكذا سنبقى على العهد والوعد يا سيّدنا.