الدكتورة نازك بدير | باحثة واكاديمية لبنانية
على الرغم من كلّ الزلازل الاقتصاديّة والهزّات السياسيّة التي عاشها لبنان في السنوات الثلاث الأخيرة من انفجار المرفأ، وانتفاضة 17 تشرين، وانهيار سعر صرف الليرة في مقابل الدولار، وازدياد معدّل التضخّم، وهجرة أعداد كبيرة من الشباب إلى الخارج، إلًا أنّ بيروت لا تزال تتثبّث بدورها الثقافي وإن أرغمتها الظروف على أن يتوارى معرض الكتاب ثلاث سنوات لكنّه يعود هذا العام في دورته 64 مبتور المساحة ما انعكس بشكل سلبي على عدد دور النشر المشاركة، فقد انخفض عددها من أكثر من 240 من لبنان والبلدان العربيّة والعالم إلى 133 هذه السنة. وتجدر الإشارة إلى مشاركة دور نشر مستوردة لكتب باللغة الفرنسيّة، وكذلك حضور الدور الفرنسيّة المتعاونة معها ما يؤكّد على استمرار دَور بيروت في نشر الثقافة العربيّة والعالميّة أيضًا. رياض الريّس، سماح ادريس، وجيه فانوس، جبّور الدويهي ميشال جحا، ميشال جحا، كوكبة من الأعلام اللبنانية الذين تركوا بصمة في تاريخ لبنان وتراثه سيتم تكريمهم خلال معرض الكتاب (8-12-2022)
يحتمّ تطوّر حركة النشر في العالم العربي و”صناعة معارض الكتب” إن صحّ التعبير مواكبة كلّ جديد والتعامل معه من هذا منطلق. لم تعد العواصم العربيّة والخليجيّة تحديدًا، كما كانت في السابق، تنظر إلى بيروت قِبلتها الثقافيّة ومنْهلها للكتاب، بل استطاعت في السنوات الأخيرة بفعل خطط التنمية المستدامة والعمل استنادًا إلى “رؤية القيادة” الحكيمة أن تحقق طفرة على صعيد عالم النشر وتنظيم فعاليّات معارض الكتب واستقطاب الروّاد وأن تتصدّر الكتب الفكريّة والنقديّة المبيعات، لا كتب التنجيم والطبخ…
لا يمكن أن تكون على عتبة 2023 وتنظّم معرضًا دوليًّا من دون أن تجترح مساحة واسعة لمختلف المشارب والأذواق والآراء للقرّاء والنقّاد وللزوّار على تنوّع اهتماماتهم وأعمارهم وجنسيّاتهم. وإن كانت مشاركة دور النشر العربيّة هذه المرّة خجولة نوعًا ما، فهذا لا يعفي القيّمين على المعرض الذي ينظمه النادي الثقافي العربي بالتعاون مع نقابة اتحاد الناشرين من الاضطلاع بمهامهم، إن على مستوى نوعيّة الكتب، أو على مستوى الفعاليّات والندوات التي بدأت من الثالث من ديسمبر والمستمرّة حتّى الحادي عشر منه.