كتبت د . نازك بدير | سيناريو تراجيدي تحمله سنة 2023

الدكتورة نازك بدير | كاتبة وباحثة لبنانية

هل ثمة إمكانيّة لتخفيض حدّة الركود الاقتصادي العالمي المتدحرج ككرة ثلج والمتفاقم بفعل عوامل جيوسياسيّة وأخرى وبائيّة؟ أم أنّ الأزمة أكبر من أن تتمّ محاصرتها أو التخفيف من تداعياتها، لا بل وكما يشير بعض الخبراء في الاقتصاد أنّها ستكون بحجم الأزمة الماليّة العالميّة التي حدثت سنة 2008؟ ما التحديات الاقتصاديّة التي تواجهها البلاد العربيّة الثاوية على صفيح ساخن؟ لبنان، على سبيل المثال، قبل ركود الاقتصاد العالمي، تعرّض إلى ضربات استثنائيّة في نخاعه الشوكي، حطّمت عموده الفقري، شلّته، ولا يزال إلى اليوم يداوي تشوّهات ما نزل به جرّاء انفجار الرابع من آب.

ارتفاع أسعار الطاقة وغلاء المعيشة والطعام والسكن، في مختلف الدول، ينذر ببلوغ التضخّم ذروته، ويستبعد، تاليًا، سيناريو الانتعاش الاقتصادي.

في هذا السياق، حذّر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي” جيروم باول” من أنّ الاقتصاد العالمي سيقبع في مستنقع الركود التضخمي. وكان باول قد تعهّد، الإثنين 22 نوفمبر بمكافحة الارتفاع الأخير في التضخّم، قائلًا: “سوف نستخدم أدواتنا لدعم الاقتصاد وسوق عمل قويّة، ولمنع ارتفاع التضخم من أن يصبح مترسّخًا”. أصدر صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي توقّعاته الاقتصادية السنويّة التي أظهرت نموًّا ضعيفًا في جميع أنحاء العالم لعام 2023، وقد استند في بناء تلك التوقعّات إلى ثلاث قضايا رئيسية، هي:1-ارتفاع التضخّم، وقرارات البنك المركزي.2-الحرب الروسيّة_الأوكرانية والتحالفات الجيوسياسيّة.3-الظروف الوبائيّة وتأثيرها المستمر على سلاسل الإمداد.

وتشير تقارير أوروبيّة إلى الصعوبات التي تواجهها الشركات نتيجة معوقات النقل البحري وقلّة الحاويات وتأخّر الشحنات عن مواعيدها الأصليّة، ما يحدث إرباكًا في الأسواق المحليًة والعالميًة.

قال محمد العريان، رئيس “غراميرسي فاند مانيجمنت” (Gramercy Fund Management، وكبير المستشارين الاقتصاديين في شركة “أليانز” التضخّم لم يبلغ ذروته بعد، و” ليس مؤقتًا كما يريده الجميع”، والتخوّف هو من أن يصبح مستدامًا. لا يمكن لأيّ من الاقتصاديين التنبؤ بمدّة الركود، وإن تمنّوا سرعة الخروج منه، مع ما يرافقه من ارتفاع معدلات البطالة وتسريح مئات آلاف الموظّفين. لعلّ إقالة إيلون ماسك أكثر من ثلاثة أرباع المشرفين على المحتوى في تويتر إلى جانب عدد كبير من المطوّرين في محاولة باهتة لمكافحة الخسائر، كان الشرارة الأولى، يأتي ذلك في توجّه تسلكه شركات أمريكيّة وعالميّة عديدة، والحبل عالجرّار…

استنادا إلى ما تقدّم، يبدو أنّنا على أبواب سنة حافلة بالانتكاسات الاقتصادية، هبوط في سوق الأسهم، وتراجع حادّ في العملات الرقميّة، وخسائر فادحة بانتظار البنوك الالكترونية(الافتراضية)… أمّا لبنان، فسيغرق في المزيد من المستنقعات السياسيّة والاقتصاديّة، ولن يملّ أصحاب القرار من المراهنة على إقرار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لمضاعفة المديونيّة على الجيل القادم…

 

Exit mobile version