كتبت د . نازك بدير | العدوّ يحترق قبيل اختراق القشرة الخارجية لغلاف غزّة

نازك بدير | كاتبة وباحثة لبنانية

بعد أربعين يوما على بدء معركة “طوفان الأقصى” لا تزال المقاومة تمسك بزمام الأمور،

تربك العدوّ، تشتّت صفوفه، تزعزع ثقة الجنود بالقيادة، تسجّل انتصارات ميدانيّة. ناهيك عن الصورة المتوهّجة للصمود الفلسطيني ودفاعه عن أرضه وقضيّته، في مقابل حالة الذلّ والانهيار التي تلاحق الصهاينة في المستعمرات والملاجئ والشوارع والمركبات والآليّات المدرّعة.

أرادت قوّات الاحتلال اجتثاث جذور المقاومة وترهيب الشعب عبر ارتكاب المجازر وتشريد من تبقّى منهم على قيد الحياة، لكن الميدان يقول عكس ذلك تمامًا؛ حركة المقاومة ليست مجرّد آلاف من المنتظمين في صفوفها، هي أبعد من ذلك بكثير، إنّها كامنة في كلّ غصن زيتون وورقة ليمون، في مفاتيح البيوت العتيقة، ورنين أجراس كنيسة القيامة، في التكبيرات والصلوات الصادحة من حناجر الأطفال قبل الرجال، هي الحبل السرّي الذي يغذّي الأجنّة في الأرحام. أمام عجز العدوّ عن تحقيق أهدافه العسكرية، لجأ إلى التشفّي والانتقام من المدنيين؛ يرتكب مجازر جماعيّة، يقصف المستشفيات ويحاصرها، يستهدف الإعلاميين، يقطع المياه والكهرباء عن القطاع محاولًا الضغط على الشعب الفلسطيني لتهجيره من شمال غزة إلى جنوبها، يستمرّ في تدمير المباني لتسوية الأرض قدر المستطاع أمام الآليّات العسكريّة. لكن، على الرغم من همجيّته ووحشيته، يمكن القول إنّ الدائرة التي يتحرّك فيها تنحصر ضمن “القشرة الخارجيّة”، فالصواريخ والقذائف والمدرّعات عاجزة عن تحقيق أمرين:- على المستوى الأفقي: التقدّم البرّي بطيء، لقد حاولت قوّات الاحتلال الإسرائيلي تحقيق نصر وهمي  عبر الوصول إلى مستشفى الشفاء، التفّت من الجهة الجنوبيّة الغربيّة لمخيّم الشاطئ ومن جهة الشرق، فضلًا عن محاولات التوغّل من الشمال عبر بيت لاهيا، ومن الشمال الشرقي عبر بيت حانون. بيد أنّها وجدت آليّاتها تُحاصر في كمائن المقاومة، تتفحّم، وتتحوّل خردة!

Exit mobile version