كتبت د . نازك بدير | أفول الناتو وصعود البريكس نحو نظام عالمي متعدّد الأقطاب

الدكتورة نازك بدير | كاتبة وباحثة لبنانية

استطاعت بكّين أن تقدّم نفسها ضابط إيقاع في المنطقة إثر رعايتها الاتفاق بين قوّتين بارزتين هما المملكة السعوديّة وإيران. من مصلحة الصين الحفاظ على الاستقرار، ونزْع فتيل الأزمات والحروب لضمان مصالحها، ومنها تأمين استمرار وصول النفط إليها بشكل دائم.

السعوديّة من جهتها استثمرت مليارات الدولارات في الصين، وانضمّت مؤخّرًا إلى منظمة شنغهاي للتعاون. هذا الانفتاح نحو تعدّد الأسواق يشي بسعي جديّ نحو كسْر أحاديّة القطب ومحاولة التأسيس لنظام عالمي جديد يقوم على تعدّد الأقطاب تتحرّر فيه الدول من هيمنة الولايات المتحدّة، ولا تكون ملزمة بشروطها. وقد تُرجِم بانضمام ستّ دول جديدة إلى مجموعة البريكس من بينها أيضًا المملكة العربيّة السعوديّة التي تُعدّ أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، وتلتقي كذلك في هذه المجموعة مع الصين أكبر مستورد له.

يضاف أنّ المملكة  تتّجه إلى تنويع مصادر الطاقة، وتعمل على التكيّف مع الاحتياجات المستقبليّة العالميّة، وتهدف إلى استغلال الطاقة المستدامة. في هذا السياق، تجري حاليًّا محادثات  منفصلة بين “سينوبك” الصينيّةSINOPEC “وتوتال إنرجيز” الفرنسيّة وشركة “أرامكو” للاستثمار في تطوير حقل غاز “الجافورة” الصخري في السعوديّة (منطقة الإحساء) ويعدّ من أكبر حقول الغاز غير المستغلّة في العالم. وهو جزء رئيس من رؤية المملكة لتنويع مصادر طاقتها وصادراتها. وقد يسهم تطويره في الاستغناء عن أكثر من 300 ألف برميل من النفط الخام يوميًّا.

اجتماع الكبار:

بالعودة إلى مجموعة بريكس، للمرّة الأولى تتفوّق على G7  وذلك بعد أن وصلت مساهمة الأولى إلى 31.5 بالمئة في الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 بالمئة لG 7 ،  فكيف بعد انضمام صاحبة  أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم؟ من الأسباب التي دفعت المجموعة إلى اختيار المملكة العربيّة السعوديّة ضمن مجموعتها، أنّ الناتج الإجمالي للمملكة يتجاوز الحدّ الذي وضعته المجموعة، كما ذكر محمّد سرور الصبان، كبير مستشاري وزير البترول السعودي سابقًا لـ”سبوتنيك”.

وعلى الرغم من أنّ ظاهر هذه المجموعة اقتصادي إلا أنّ أهدافها سياسيّة. كما تسعى إلى  إيجاد نظام منافس للنظام الحالي الذي تترأّسه الولايات المتحدة، وإلى زيادة العلاقات الاقتصاديّة فيما بينها بالعملات المحليّة، وتقليل الاعتماد على الدولار.

عملة المستقبل: 

تتّحد دول المجموعة لإطلاق عملة جديدة بديلة عن الدولار لاستخدامها في التجارة العالميّة، ولكن ليس في المنظور القريب كون 80% من التبادلات التجارية تتمّ به، ويسيطر على 90% من التحويلات الماليّة التي تُجرى ضمن swift. في محاولة إزاحة الدولار من واجهة التعاملات التجاريّة، يمكن القول إنّ دول مجموعة بريكس استطاعت أن تفرض نفسها خيارًا جديدًا بدلًا من الغرب، وأن تسدل الستار عن حقبة أحاديّة القطب.

يبقى السؤال، أيّ عملة جديدة سيتمّ التوافق عليها مستقبلًا من قِبل BRICS في ظل محاولات روسيا والصين إقناع الدول النامية بالتخلّي عن الدولار في التعاملات التجاريّة؟

Exit mobile version