د. مكرم خُوري مَخُّول : مدير المركز الأوروبي لدراسات التطرف في جامعة كامبريدج
مدخل
توفر لنا الدراسات عن عصور مختلفة وشعوب متعددة الاثبات الدامغ أن المفهوم العميق لـ”مقاومة” الاحتلال، هو منظومة مدمجة المسارات يتشابك مضمونها، كل من زاويته، ليتكامل عملها فتصبح اجندة يومية تتحول الى نهج حياة شعب او مجتمع في مرحلة معينة، وعادة حتى
التحرر وأحيانا الى ما بعد ذلك.
توطئة
الأبحاث العلمية تشير الى ان الاحتلال الصهيوني لفلسطين يستند على شتى الحقول العلمية واحدثها، وهو مكون من الأركان الاربعة: العسكري والاقتصادي والسياسي والثقافي. ورغم كل الموارد (المالية والبشرية والمخططات المركزية للاحتلال) الا ان الشعب الفلسطيني في جغرافياته المختلفة (ورغم عدم توفر ما لدى الاحتلال من حيث معادلة القوة)، فإنه لا يزال يعارك بإصرار وبأدوات مختلفة و “متواضعة” وبما أوتي له من موارد.
سياق تاريخي
كان الهدف، منذ اغتيال شخصيات ثقافية فلسطينية في بيروت كالأديب ورئيس تحرير مجلة “الهدف” (التابعة للجبهة الشعبية) غسان كنفاني في 8 تموز 1972، ومحاولة اغتيال الإعلامي-السياسي (آنذاك جبهة شعبية) بسام أبو شريف في 25 تموز 1972، واغتيال القادة الثلاثة لمنظمة التحرير الفلسطينية، الشاعر-السياسي كمال بطرس ناصر، وكمال عدوان مسؤول مكتب الاعلام في م. ت. ف، ومحمد يوسف النجار عضو لجنتها التنفيذية ، في “عملية فردان” ببيروت، في 10 نيسان 1973، إضافة الى عشرات الاغتيالات الأخرى لمثقفين وسياسيين فلسطينيين في العالم العربي واوروبا، كان الهدف منها كلها اسكات صوت الحق الفلسطيني، ودحر سردية معاناته. ولم يغير الاحتلال الصهيوني سياساته في منهج الاغتيالات الجسدية المباشرة بل طورها وأضاف إليها أدوات جديدة في الحرب الثقافية ضد الفلسطينيين: في مقدمتها اغتيال الرواية الفلسطينية.
مسيرة أجيال
الاغتيالات الجسدية التي نفذها الاحتلال الصهيوني وطالت شخصيات فاعلة في الميدان الثقافي-السياسي في سبعينيات القرن الماضي، جرت في ظل تصاعد الكفاح الفلسطيني المسلح بوجه الاحتلال. تبدل المشهد على المقلب الفلسطيني، ولكنه لم يؤثر جذريا على مشاريع الاحتلال ومقارباته في حربه الشاملة على الشعب الفلسطيني، جسدا وثقافة، تاريخا وحاضرا. فائض عدوانية الكيان الصهيوني المتراكمة يجري توجيهه وتثميره في معاركه على الجبهة الثقافية، ضد سيرة وصيرورة الثقافة الفلسطينية كقوة مقاومة. هكذا يمكن تفسير الهجوم على مركز “يبوس”الثقافي (“يبوس” أحد الأسماء القديمة للقدس نسبة لليبوسيين بناة القدس الأوائل)، والاعتقالات التي طالت كلا من مديرة المركز رانيا الياس، وزوجها سهيل خوري، مدير المعهد الوطني للموسيقى، والأسير المحرر الشاب داوود الغول، مدير شبكة شفق للفنون، بتاريخ 22 تموز 2020 في القسم المحتل من القدس عام 1967.
حرب الزجاج
ورغم انه لا تدور في فلسطين حاليا مواجهة عسكرية واسعة ومباشرة، الا ان المقاومة العنيدة الرافضة للانصياع للاحتلال مستمرة على مدار الساعة كمعركة الزجاج. وما يؤكدها هو عدد الاعتقالات التي نفذها الاحتلال بحق الفلسطينيين في شرق فلسطين المحتل عام 1967(القدس الشرقية والضفة الغربية) والتي وصلت في شهر تموز 2020الى 413 اعتقال، كان للقدس المحتلة منها النصيب الأكبر، إذ شكّل 21٪ من الاعتقالات (86 اعتقال) رغم ان القدس الشرقية (محافظة القدس) تشكل فقط 15٪ من مجمل عدد سكان محافظات القدس والضفة الغربية.
تكنولوجيا الاحتلال
وبما ان الاحتلال يعتمد على ‘المعرفة العلمية’ في خدمة الممارسات الفاشية، فإن عملية الاقتحام والتفتيش والاعتقال المخابراتية-القمعية لهذه الشخصيات الثقافية هي بالأحرى الخطوة الأخيرة (في المرحلة الأولى) من مخطط مطول ومدروس يشمل مسح ودراسة كل مجالات الحياة الفلسطينية في كل مكان، ويستعين فيه بآخر مبتكرات التكنولوجيا. ويعمل الاحتلال عادة على رصد كل نشاط يحمل في طياته منظومة قيمية للصمود والتحرر. وما نقوله لا علاقة له ب”نظريات المؤامرة”… بل يمكن اثباته بسهولة في أية عملية بحث هادفة على الإنترنت، حتى بدون الحصول على ملفات سرية.
بعد استلام نتائج ‘المعرفة العلمية’ والنقاش والتمحيص (في أروقة الاحتلال) حول قطاع معين في الحياة الفلسطينية، واستخلاص النتائج بأنه اصبح مجدولا بشكل عضوي ومؤثرا في الحياة الاجتماعية الفلسطينية والوعي القومي، وأن هناك جنازير أيديولوجية تشبك ما بين الحياة الثقافية والمنتوج الموسيقي، على سبيل المثال لا الحصر، وعرض المنتوجات الثقافية (محليا وعالميا) تحت اسم فلسطين، في إطار المنظومة القيمية التي تشكل استراتيجية “الهيمنة المضادة” لهيمنة الاحتلال، يقوم الاحتلال باختيار القنوات وبإعداد عُدة الهجوم وبتصعيد عمليات “القنص” الاهوج ضد الأفراد الناشطين أو المجموعة الفاعلة.
ويرتطم ضحايا بطش الاحتلال بأذرع الشرطة والمخابرات اثناء المداهمات في القدس المحتلة. وتقف وراء هذه الذراع التنفيذية هيكليه مهنية وهرمية متماسكة، تشمل باحثين وخبراء في العلوم المختلفة، وهي تبحث وتحلل وتستنتج وتفسر “للساسة” ان الموسيقى خطر على إدارة الاحتلال الصهيوني وديمومته في فلسطين وبشكل ليس اقل من الكفاح المسلح (“الإرهابيين”) ولربما أكثر.
احتلال غير موسيقي
ففي مسيرة تعليم وعرض الموسيقى عمليتين أساسيتين: الأولى هي عملية تربوية-اجتماعية وتعليمية-سيكولوجية تتحول في الحال الفلسطيني لعملية تنشئة سياسية – اجتماعية توعوية مقاومة، او مساعدة على مقاومة الاحتلال؛ والثانية، (في حالة الموسيقى الكلاسيكية وإضافة لما ورد آنفا) تصبح ذراعا ثقافية-إعلامية راقية وكجزء من عملية ترويج وحشد تضامني للرأي العام العالمي مع الشعب الفلسطيني، إضافة الى عملية دمج الفلسطيني في الثقافة الموسيقية العالمية، الحقل الذي لطالما اعتاد عشاق الموسيقى (الكلاسيكية بالأساس) على سماع ومشاهدة أسماء يهودية-أوروبية من على خشبات عروضه.
فبعد عقود من التحريض ضد الفلسطيني (منذ النكبة وما قبلها) في العالم بشكل عام، والعالم الغربي بشكل خاص، تساهم العملية الثانية في إحداث تغيير لصورة وسمعة الفلسطيني في العالم، إذ تسمع ردود فعل في صالات العرض وخارجها، مثل: “هم ليسوا إرهابيين…. انهم يجيدون عزف الموسيقى الكلاسيكية… هم مثلنا…. هذا جميل…. انهم يستحقون الحرية والحياة”…والخ (هذه جمل تعبر عن مواقف سمعتها وأصغيت اليها شخصيا في أوروبا بشكل خاص).
“نوتات” التمويل؟
هذا النوع من النهج الثقافي الفلسطيني “الثقافي والحضاري” يحدث ارباكا كبيرا في أروقة الاحتلال، الذي يريد الاطباق بواسطة ذرائع مختلفة على كل فلسطين، وحرمان الفلسطيني من حقوقه المشروعة واستقلاله وحريته على ارضه؛ ويعمل الاحتلال (او يحاول ان يعمل بشكل مستمر و”علمي”) بواسطة الذراع الثقافية، على تقديم “الاثباتات” للعالم ان الفلسطيني كان “إرهابيا” وما زال. ولا يتورع في حربه الشاملة على الشعب الفلسطيني عن إشهار كل الأسلحة، بما فيها الحصار الاقتصادي أو ما يسميه “مصادر التمويل”.
وتجهد إدارة الاحتلال في دق الاسافين ما بين المؤسسات الثقافية الفلسطينية (وخاصة المقدسية منها) والجهات الخارجية الممولة والمنتشرة عبر العالم. فأسهل ما يمكن هو ان ينعت الاحتلال الشعب الفلسطيني بالإرهاب والقتل ليقرع جرس الإيحاءات والدلائل لماض أوروبي-غربي ضد اليهود في أوروبا، وليشعر الغربي بعقدة الذنب ويمتنع من التعاطف مع الفلسطيني الضحية، لأنه “يفضل” أولا تسوية مشاكله مع “ضحيته هو”، لأنه مرشح دائما للابتزاز بمثل هذه الاتهامات. وما شروط التمويل الجديدة التي فرضها “الاتحاد الأوروبي” في مطلع 2020على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، الا آخر دليل لهذا النوع من سياسات الضغط التي قد تؤدي الى التطهير العرقي بحق الفلسطينيين في وطنهم.
من هذا المنطلق، تعمل إدارة الاحتلال على اختراع الروابط وفبركة الاحابيل ما بين “الإرهاب” والثقافة. وتشكل الحملات الشرسة التي تشنها اللوبيات الصهيونية في الاعلام، والمطالبة بالتوقف عما تسميه “تمويل الإرهاب الفلسطيني” بشكل غير مباشر، عبئا على الداعمين والممولين لأي نشاط ثقافي. ويسعى الاحتلال، في هذه اللعبة السمجة، للظهور بمظهر “الراقي المثقف المتذوق للموسيقى”، والمدافع عن عرين الحضارة في وجه البرابرة!
الحق والرأي العام
يستهدف الاستعمار الصهيوني الثقافة الفلسطينية (وتلك الصادرة من القدس بشكل خاص) لما في ذلك من تبديل لوسيلة المقاومة المسلحة بالمقاومة الثقافية السلمية: لِـنَقُـل “من الكلاشينكوف الى آلة الكمان”، لأن الاحتلال سيضطر على العمل (وذلك بعد ارباكه نتيجة تعددية قنوات السردية ووسائل المقاومة ) على اقناع العالم بأن الثقافة\الموسيقى الفلسطينية: “ما هي الا خدعة… أنتم لا ترون ماذا يفعل هؤلاء الفلسطينيين… تمعنوا جيدا … ان ما يبدو لكم كماناً ليس إلا كلاشينكوف.. فالفلسطيني إرهابي”! “توتر” الاحتلال نابع من معرفته ان ما كان من الممكن تمريره في مطلع سبعينيات القرن الماضي سيمنى بفشل ذريع في العقد الثالث من القرن الـ٢١.
فلقد فهم الاحتلال بأن الثقافة بمركباتها المتعددة هي قوة (سياسية) تشارك في محاربة نوع آخر من القوة السياسية (أي العسكرية) وهذا ما يكرهه الاحتلال. فَمُنَى الاحتلال ان يبقي الفلسطيني في مربع حرب القوة العسكرية (الاحتلال في الزي “القانوني” لجنوده – والفلسطيني “الإرهابي” بدون زي رسمي) وذلك لأريحية مهاجمة هذا النوع من القوة والترويج للصورة السلبية للفلسطيني والذي استثمر الاحتلال في بلورتها والحفاظ عليها مليارات الدولارات عبر العقود…وذلك لإضعاف أنواع القوة الأخرى للفلسطيني.
ينابيع الصمود
فرغم الحصار والملاحقة نجح الفلسطينيون عبر العقود تحت الاحتلال في تطوير تعددية في المنتوج الثقافي (المسرحي – منذ عمل الريادي المؤسس لمسرح “الحكواتي” فرانسوا أبو سالم في القدس؛ والموسيقي إذ غنى مصطفى الكرد لسميح القاسم في منتصف الثمانينيات واعمال المسرحي الموسيقي احمد أبو سلعوم على سبيل المثال لا الحصر) منه ما يعرض محليا ومنه ما يطير محلقا في العالم كسفير مبدع لقضية حق شعب يرزح تحت أشرس احتلال في التاريخ المعاصر.
ورغم عدم وجود برنامج وطني فلسطيني مركزي شامل ومهني للثقافة (سياسة ثقافية)، إذ ان التحرك يعود الى المؤسسات والافراد، فان هذه التعددية في المنتوجات الفنية صعّبت على الاحتلال مهمته في إبقاء الفلسطيني في قبضته او تحت سيطرته (بميزانيات وأدوات ثقافية صهيونية) وبذلك احتدم الصراع وبدأ الاحتلال يخسر النقاط في الرأي العام العالمي.
ولكون الموسيقى الكلاسيكية (بالتحديد) لغة عالمية، ونظرا للتنقل العالمي للمعهد الوطني للموسيقي (على اسم الأكاديمي الفلسطيني المقدسي – الأمريكي الراحل ادوارد سعيد) جسديا وعبر الفضاء العمومي الذي خلقته تكنولوجيا وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت زئبقاً من الصعب الإمساك به، لما فيه من جغرافيا ثقافية فلسطينية متحركة عبر المحيطات، أحدثت تموضعا جديدا سبب تعثرا لسيطرة الاحتلال.
فبينما يكرر الاحتلال في كل منبر عالمي وبين الجهات المانحة دوما ان الفلسطينيين (في شرق فلسطين المحتل عام 1967) يعلمون أولادهم على التحريض ضد “اليهود” و “إسرائيل” بما في ذلك في مناهج التعليم (المرة الأخيرة كانت في سؤال هجومي ضد فلسطين في البرلمان البريطاني في تموز 2020) مستهدفين قطاع الدعم للمؤسسات التعليمية، فإن أسلوب الملاحقة في القدس الشرقية المحتلة يأخذ شكلا مختلفا. هنا، ورغم محاولة الاحتلال السيطرة على المجتمع الفلسطيني المقدسي بواسطة تقديم خدمات الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي (التأمين) وبطاقة الهوية المقدسية الزرقاء، الا ان أدوات السيطرة هذه قد فشلت. ففي القدس حرب مستمرة على مدار الساعة بكل أنواعها بما في ذلك الحرب الثقافية التي لا تتوقف، والتي تمتد من السيطرة على مبنى له أهمية حضارية ولغاية التهديد والضغط على المدارس والكليات ودور العبادة بضرورة رفض استقبال نشاطات ثقافية – تعليمية فلسطينية في القدس الشرقية.
ومع بروز المواهب الفلسطينية الخلاقة وتطور المهارات والأداء الثقافي المهني وشبكة العلاقات العالمية مع الجامعات ومراكز الأبحاث والمؤسسات الداعمة، يحاول الاحتلال ملاحقة كل هذا بواسطة رصد “بحثي” تجسسي يهدف الى قطع المنح المالية من الدول المانحة عبر تقديم “إثباتات” حول تمويل “الإرهاب”…وذلك لإضعاف الصمود في القدس المحتلة ومحاولة نسف التكافل والتكامل ما بين الفلسطيني والقدس كأرض ولما لمبانيها المميزة من رمزية معمارية ووطنية ودينية حضارية متعددة الخلفيات.
هورمون المقاومة؟
فبشن قوة الحرب الإرهابية بالفعل على القوة الثقافية الموسيقية الفلسطينية المقدسية يكون الاحتلال قد فسر وبصراحة ان الثقافة (الموسيقى، الفنون، الخ.) تدعم صمود الفلسطينيين في القدس وقد تحرضهم على الثورة ضد الاحتلال او تسمو بهم الى الدفاع العقلاني عن شعبهم. وأنه وفي الاطار الثقافي الموسيقي، يفرح الفلسطينيون أحيانا رغم القتل والتعذيب والقهر والجدار والحواجز والاستغلال، وذلك نتيجة فوائد إفراز هورمون “الاندورفين”، فهي تبعث في نفوسهم الامل والمثابرة على التعامل مع القهر اليومي للاحتلال؛ وبما انها اللغة المشتركة التي توصل صوت فلسطين الى العالمية تؤدي الثقافة والموسيقى الى كل هذه الأمور الإيجابية. وهو من الواضح انه يتعارض مع اجندة الاحتلال، كما انه بمقدور الموسيقى ترويض بعض الحيوانات وتجعلها مسترخية او راقصة…الا انها لم تنجح حتى الان في ترويض شناعة الاحتلال.
الهيمنة المضادة
آخذا دراسة حالة الفلسطينيين في غرب فلسطين المحتل عام 1948 فقد تناولت في أطروحة الدكتوراة التي قدمتها في جامعة لندن منذ عقدين من الزمن كيف ورغم قمع الحكم العسكري وحالة الطوارئ والحصار والاسر والملاحقة استطاعت السياسة الثقافية للحزب الشيوعي في غرب فلسطين، ورغم سياسات وممارسات “الهيمنة” الثقافية (وفقا لنظرية الإيطالي أنطونيو غرامشي، الفيلسوف – والسياسي والأسير في فترة الرئيس الفاشي موسوليني) التي مارسها الاحتلال الصهيوني، بلورة وخلق ثقافة “الهيمنة المضادة” (عبر منتوج أدبي زاخر نشر في جريدة “الاتحاد” الفلسطينية وملحقها الادبي مجلة “الجديد”) وكسر حصار الاحتلال (عبر أمثال المؤرخ د. اميل توما والأديب والسياسي اميل حبيبي والشاعر والسياسي توفيق زياد وكل من الشعراء سالم جبران وسميح القاسم ومحمود درويش وغيرهم) وهو ما اسماه غسان كنفاني المتابع لأخبار الوطن المحتل آنذاك (قبل احتلال القسم الثاني – الشرقي من فلسطين) بـ “أدب المقاومة” في كتابه “أدب المقاومة في فلسطين المحتلة 1948-1966” والذي صدر قبل النكسة، في العام 1966.
الهجوم المدمج
الاحتلال يحاول إرهاب الشعب الفلسطيني عموما والمجتمع المقدسي على وجه التحديد وهو يعمل على نزع اية شرعية فلسطينية في القدس الشرقية وذلك بتنفيذ اعتقال لمحافظ القدس، عدنان غيث ولمدير مخابرات محافظة القدس، العميد جهاد الفقيه ولنشطاء آخرين وذلك لقطع أي تنسيق ثقافي (لعروض فنية) او تعاضد مجتمعي (للتصدي لوباء الكورونا). فهو يطلق الحملات الممنهجة وفقا لسياسة هيمنة مدروسة.
المثابرة والتخطيط
الإصرار الوطني متوفر والمشاركة الموسيقية الكلاسيكية ما زالت تندفع بوتيرة معقولة والمنتوج الثقافي-الفني الموسيقي الجماهيري لإحداث وعي ولتمرير رسائل (مثل الاغنية الجديدة “لا تهجروا” – تأدية فرقة بنات القدس) يظهر من حين الى آخر وهو دليل على استمرار العمل الدؤوب لتحطيم القيود ودحر جهاز السيطرة وترسيخ المنظومة القيمية للصمود في القدس بالتحديد.
إلا ان العمل على كسر هيمنة الاحتلال بـ “هيمنة مضادة” يتطلب وجود خطة وطنية عربية فلسطينية شاملة بعيدة الأمد (غير خاضعة لأية اجندات إقليمية) والتي تشمل استراتيجية وموارد (بشرية ومالية) ورؤية وتكتيك تنفيذي لكي لا تتهدد ديمومتها وتضمن تحقيق أهدافها.
رأي اليوم