رفعت ابراهيم البدوي | مستشار الرئيس سليم الحص .
المسيحيون في لبنان هم درة هذا المشرق العربي ويجب الحفاظ على وجودهم وعلى تفاعلهم مع قضايا المنطقة لا سيما القضية الفلسططنية ولو عدنا لتاريخ مؤسسة القومية العربية لوجدنا ان المسيحيين كانوا عماد القومية واصل النضال الحقيقي ضد العدو الاسرائيلي
لكن التوافق الشفهي اللبناني بمسيحية الرئاسة الاولى لا يعني حرمان باقي الطوائف اللبنانية من تبوؤ مناصب رفيعة لم تزل حكراً على الموارنة لان في ذلك تشكيك بولاء الطوائف اللبنانية الاخرى للوطن وهذا امر مرفوض
هنا لا بد لي من ذكر ما اقدم عليه الرئيس امين الجميل عشية انتهاء ولايته الرئاسية فقد كلف قائد الجيش انذاك بتشكيل حكومة عسكرية تتولى شؤون البلد بعدما كان الاتفاق مع المفاوض داني شمعون بتولي الرئيس سليم الحص رئاسة الحكومة لادارة شؤون الوطن والمواطنين في ظل الشغور بموقع الرئاسة الاولى.
الا ان المفاجأة كانت باصدار الرئيس الجميل مرسوماً بتشكيل حكومة عسكرية وحين سئل الرئيس الجميل عن سبب اقدامه على اتخاذ تلك الخطوة اجاب:
اردت بذلك ان لا تؤول زمام الحكم بلبنان الى رئيس الحكومة المسلم ما دفع الرئيس سليم الحص الى اصدار بيان استنكر فيه التشكيك بوطنية المسلمين مشددا على ان المسلمين ليسوا اقل وطنية من المسيحيين بل ان التاريخ اثبت ولاءهم للبنان على عكس بعض المسيحيين
وبكل صراحة نطرح بعض الاسئلة التي ومنذ استقلال لبنان لم نجد سبيلاً للاجابة عليها
لماذا مراكز قيادة الجيش وحاكم مصرف لبنان وباقي المراكز الاولى هي حكراً على طائفة الموارنه؟.
اسقط مبدأ المشاركة الفعلية مع باقي طوائف لبنان التي اضحت تشعر بالغبن وبدلاً من بناء دولة الموطنة الحقيقية اضحى لبنان عبارة عن مجموعة طوائف تتنازع الحقوق الطائفية والمذهبية متجاهلة حقوق الوطن والدولة.
كان المفترض ان يكون لبنان دولة بكل ما تعني الكلمة فاضحت الدولة عبارة عن زعماء طوائف يتزعمون طوائفهم من خلال الايهام بانهم حراس حقوق الطائفة وبدونهم تصاب الطائفة بالزوال وساد مبدأ التسويات بين الطوائف على حساب الوطن والدولة.
مبدأ التسويات جعل من زعماء الطوائف حكام الدولة فتقاسموا مغانمها حصصاً فيما بينهم تاركين طوائفهم على قارعة الطريق ليسود الفساد وبشكل لم يسبق له مثيل في مختلف مرافق الدولة مما ادى الى تآكل مفهوم الدولة.
لا بد لنا من الاشارة الى تجربة رائدة جرت بين اللبنانيين بتلاقي مكونات الوطن على اسس وطنية لا طائفية شكلت الامل في بتاء دولة قوية عابرة للطوائف الا وهي اعلان اتفاق كنيسة مار مخايل بين التيار الوطني الحر وبين حزب الله بيد ان بعض الطائفيين في التيار تعاملوا مع هذه التجربة على اساس اما معنا واما ضدنا فاعادت نغمة الحقوق المسيحية على حساب التضامن الوطني مستفيدة من هذا الاتفاق للولوج من باب الرئاسة الاولى.
مرة اخرى لعبت الطائفية المقيتة على وتر الوطن لتهدد مضمون اتفاق مار مخايل الذي بات بحاجة الى اعادة ضبط الممارسة الوطنية لا الطائفية.
من الاخطاء التي ارتكبت ولم تزل ترتكب بحق لبنان واللبنانيين استمرار المراهنة على زعماء الطوائف ولو ادينوا بنهب المال العام ولمدخرات اللبنانيين وحتى بعد ان ثبت فشلهم بادائهم الحكومي والوطني.
الأزمة التي يواجهها لبنان حالياً هي الأخطر والأسوأ منذ تأسيسه. تتداخل فيها العوامل الداخلية والخارجية، وفي طل بقاء الطائفية السياسية كعامل اساسي ومعتمد في لبنان تبقى الحلول المطروحة عبارة عن تسويات ظرفية ستسهم في تأجيل مواجهة الحقيقة الدامغة ولن تؤدي الى بناء اساس صلب ترفع عليه اعمدة الوطن الحقيقي خارج اي اطار طائفي .
قليل من الصراحة ولو كانت جارحة نقول:
ان الولوج بحل لبناني يضمن للبنان بناء الدولة المواطنة العادلة يكمن في الغاء الطائفية السياسية وخصوصاً في مراكز الدولة الاولى واجراء انتخابات نيابية على اساس قانون عادل باعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة ما يضمن بقاء لبنان كوطن للاجيال والا فاننا سنواجه تفتيت المجتمع والوطن.