قراءة في خطاب السيد حول مجزرة الطيونة
أ.د . مَكْرَم خُوريْ- مَخُّول | أكاديمي فلسطيني متخصص في العلاقات الدولية والإعلام السياسي – بريطانيا
في كلمته المحكمة من حيث تسلسل المبنى ونص الخطاب والاسلوب والذي اثبت فيها قيادته الفاعلة للمسيرة السياسية في لبنان بحنكة ومسؤولية في احلك الاوقات التي يشهدها لبنان، قام السيد حسن نصرالله برفض الفتنة في لبنان ومعادلة التفرقة المخادعة: “نحن” و”هُم”
( us and them) وشدد على الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب اللبناني.
كما وقف السيد حسن نصرالله في خطابه بذكا ودهاء كبيرين عند المخطط المخادع الذي يتم تسويقه من قبل لـ “القوات اللبنانية” في إطار صناعة الخوف والترهيب والكراهية والذي يهدف اصلا لتفريغ العالم العربي ولبنان من مكونه المسيحي الاصلي.
وقد اظهرت كلمته وقوفه عند سوسيولوجيا السياسة إذ ان من اهم ما قام به السيد حسن نصرالله هو تسليط الضؤ على النتشئة السياسية والاجتماعية الفاشية المبنية على منظومة الكراهية التي يزرعها بالتحديد رئيس حزب “القوات اللبنانية” بين اللبنانيين وبالتحديد المسيحيين (على جميع طوائفهم).
وبينما كشف السيد نصرالله المخططات الفئوية والانفصالية لـ “القوات اللبنانية” اكد على ضرورة الفصل ما بين هذه التوجه الفئوي وضم الى صدره اللبنانيين المسيحيين كشركاء في الوطن.
كما ذكر وبجرأة مطلوبة وبتواضع موقف محاربي حزب الله البطولي في حماية المسيحيين والكنائس والاديرة والمسيحيين السوريين وكيف ان حزب “القوات اللبنانية” كان وما زال ينتمي للمحور الذي يريد شطب وتهجير المكون المسيحي من المشرق العربي وخير دليل على ذلك هوية حلفائهم وأداءهم الوظيفي.
وبمنطق منمق بالحقائق قام السيد حسن نصرالله بابراز الحلف الوهابي-الجعجعي الذي يتظاهر بحماية المسيحيين بينما يريد تهجيرهم.
وفي إسدائه النصائح الفاحصة والحادة لحزب “القوات اللبنانية” ورئيسة (سمير جعجع) قال انه من الافضل “أن ينزع من تفكيره (رأسه) اي عمل يؤدي الى حرب اهلية والى اقتتال داخلي… يجب ان نمنع الحرب الاهلية ونعمل لاجل الامان والاستقرار”.
وتوجه السيد حسن نصرالله إلى جعجع وانصاره مباشرة قائلا:”يا حزب “القوات اللبنانية” : ‘اقعدوا عاقلين وتأدبوا.. فلم نجهز ١٠٠ الف مقاتل (على الاقل) في حزب الله لنقاتل داخليا بل لندافع عن بلدنا واللبنايين الذي عليهم الوقوف ضد هذا القاتل السفاح التقسيمي”.
رغم اهمية مطالبته بالتحقيق والعدالة والعقاب الا ان اهم معاني في خطاب السيد حسن نصرالله كان إحداث “تفاضل” Differentiation نفسي واجتماعي وسياسي ما بين كل اللبنانيين من جهة ورئيس حزب “القوات اللبنانية” من جهة ليعزله في زاوية الإنانية الانتحارية التخريبية التي تعمل لصالح قوى صهيو-وهابية هدفها الهيمنة على لبنان ككل، ولبنان الأخر الكبير المسالم مشددا على ان اهم مركب لوحدة لبنان هو الجيش اللبناني وضرورة الحفاظ عليه وبذلك توجه بشكل مباشر لمناصريه (الممتعضين والمتألمين والمصدومين الغاضبين) نتيجة تكبد احبابهم الخسائربالارواح والدي اعتبرهم شهداء…مطالبا اياهم بالتروي والتحلي بالبرود العقلاني والحكمة.
إن ما جاء في كلمة السيد نصراللة يتماشي كليا مع مشاهدتي التي سجلتها في مقالتي (دراستي السريعة تحت عنوان: عين الرمانة: من بيروت الى سيدني والدي نشر يوم ١٥ أكتوبر ٢٠٢١) إذ تكبت:
“إلا ان القرار بالتهدئة وتقزيم الفتنة (الطائفية او المذهبية) في لبنان وعدم الانجرار الى “حرب استنزاف اهلية على نار هادئة متوسطة الأمد” او حرب شعواء كبرى يبقى بيد القرارات (الرشيدة) للمقاومة بشكل اساسي (رغم وبسبب طلب قيادة السيد حسن نصرالله من جمهوره كظم الغيظ بسبب الصدمة، وإظهار رباطة الجأش رغم الفقدان عندما يستمر سفك الدماء وخسارة الأرواح من خلدة الى عين رمانة) إذ انه بإمكان قيادة المقاومة الباردة (وبالتنسيق مع الحلفاء) تبني المراوغة الاستراتيجية على كل الجبهات (المحلية والإقليمية والدولية) وتحقيق نجاحات اضافية كبيرة وعرقلة المخططات الصهيو-أمريكية المتبقية او المتجددة.” وهذا ما برز في الخطاب بالكامل.