غالب قنديل | رئيس مركز الشرق الجديد
كلمته في المناسبة هي تقرير سنوي للشهداء كما درجنا على وصفها ومن يستحق في عرف المقاومين وسيدهم تقديم جردة الحساب غير الشهداء الذين احتلوا الصدارة في ثقافة ألهمت أجيالا من المناضلين والقادة الذين راكموا للوطن الصغير انجازات عظيمة وهائلة طيلة عقود صعبة وعاصفة فجعلوا للبنان مكانة عظيمة عربيا ودوليا حتى بات قبلة الأنظار ومركز الاهتمام لأنه بلد المقاومة وهذا سر يعرفه المنكرون الجاحدون قبل غيرهم وقبلهم أسيادهم في الغرب كذلك.
أولا القلق الوجودي عنوان يكثف حالة العدو الاستراتيجية ويختصر عصارة تقارير معاهده الاستراتيجية ومراكز أبحاثه التي تتابع التحولات وترصد المؤشرات التي تؤكد وقوع تغييرات راسخة وقاهرة في البيئة الاستراتيجية وتلاشي النشوة التي اعترت العدو في السنوات القليلة الماضية وظن أنها بددت قلقه المتراكم من قيام توازن الردع وتبلور محور اقليمي مقتدر على جبهات الصراع وقد تلاشى صدى ابتهاج الصهاينة بما جرى في سورية وما عصف بالإقليم من اضطراب وفوضى منذ موجة ما سمي بالربيع العربي وحيث جاءت الوقائع بعد تلك السنوات تؤكد نجاح محور المقاومة في احتواء تلك التطورات وتخطي التحديات بنجاح باهر وكان القائد نصرالله يؤشر في يوم الشهيد إلى رد الاعتبار للتناقض المصيري والوجودي وانقشاع الغبار عن قضايا المصير التي حجبتها موجة من خلط المفاهيم وتضييع القضايا الجوهرية في متاهات ومسارب شتى.
ثانيا في الراهن السياسي أكد السيد أن إخراج تصريح الوزير جورج قرداحي الذي مضى عليه زمن والتذرع به لتحريك حملة شعواء من التدابير العدائية ضد لبنان هو استهداف مدبر بقرار أميركي والأصل في الحملة السعودية هو العداء للمقاومة والخصومة مع التوازن السياسي اللبناني وواقع السلطة اللبنانية والقرار السيادي اللبناني الذي يكرس المقاومة في صلب التزام وطني سيادي متمرد على الهيمنة الأميركية ومن هذه الزاوية تفهم التفاصيل والمواقف والتفاعلات السياسية ومن الواضح أن تعمد افتعال القضية بعد مرور الزمن السياسي والإعلامي ليس استدراكا لسهو معتاد في نسق المتابعة والتفاعل مع الأحداث بل هو تدبير عامد للتصعيد يلتمس الذريعة بهدف المساهمة النشطة والمباشرة بخنق لبنان اقتصاديا تلبية للمشيئة الأميركية الصهيونية بما بني في سياق رد الفعل من تدابير واجراءات تعزز فرص الخنق الاقتصادي ومفاقمة الأزمة المقيمة أصلا.
ثالثا الأزمات والمشاكل المفتعلة مع لبنان محورها الضغط على المقاومة ومحاولة النيل من معادلات القوة والمناعة وهذا لن يكون ولن نسمح به لأن مصلحة لبنان وشعبه تقتضي ذلك وما بحوزة المقاومة من خيارات وعلاقات ما يتيح التماس المخارج التي يجبرنا الواقع السياسي على اخضاعها لضوابطه واستعداداته وهنا لم يقدم السيد جردة الحساب مراعاة لشركاء الخيار وشركاء المعادلة فقد سبق لاقتراحاته الثورية بالتوجه شرقا والعلاقة مع روسيا والصين وايران في جميع مجالات الطاقة والاقتصاد أن عوملت بإدارة الظهر والتجاهل غم ما في بعضها من فرص ومزايا مذهلة كالتعامل بالليرة اللبنانية مع إيران وران صمت القبور على الدوائر الرسمية اللبنانية على الرغم من حرص السيد على تقديم أفكار ومقترحات عملية قابلة للتنفيذ مع استعداد الحزب لالتماس تسهيلات نوعية من خلال تثمير رصيده المعنوي بمزايا اقتصادية ومالية للبنان يعرف الجميع أنه يستطيع التماسها من إيران ومن روسيا وهو حين يطلب يجاب في دوائر الصداقة والشراكة التي بذلت المقاومة وبذرت فيها الكثير من سنوات طويلة وفي أزمان شدة وحيث تتعامل تلك العواصم مع قائد المقاومة بكل احترام وندية وأخوة ويقدر اللبنانيون بمعظمهم أن السيد إن طلب يجاب في عواصم الشرق التي تشع بوهجه وألقه الاستراتيجي.