قراءة في تصريحات أردوغان الاخيرة
حيّان نيّوف | كاتب وباحث سوري
بعيد عودته من نيويورك ، وخيبة أمله بعقد لقاءات مع مسؤولين أمريكيين هناك ، وقبيل أيام من زيارته المرتقبة إلى سوتشي للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين . أطلق أردوغان مواقف جديدة عبر الصحافة التركية ، وجه من خلالها اتهامات صريحة للولايات المتحدة بدعم الإرهاب في سورية بالسلاح ، وحملها مسؤولية ما سيجري بأفغانستان بفعل السلاح الذي تركته بيد طالبان ، قبل أن ينتقل في تصريحاته لمخاطبة روسيا ، وتحديدا حول الملف السوري حيث قال أردوغان : { لدي توقعات مختلفة عن الاجتماع مع بوتين ، “النظام السوري” يشكل بالفعل تهديدا لحدودنا ، وأتوقع تضامن روسيا كدولة صديقة وأنتظر نهجا مختلفا تجاه سوريا ، سنتخذ قرارات مهمة أثناء المفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي }
لا يختلف اثنان ان اردوغان يتبع اسلوب المراوغة والنفاق واللعب على الاطراف واستغلال ما امكن . لكن هذه المرة أعتقد ان أردوغان يعبّر في تصريحه عن هواجس يراها خطيرة وباتت تشكل مصدر قلق له على المستوى الشخصي ولحزبه الحاكم . فما هي هذه الهواجس والمخاطر ؟
اولاً ؛ يشكل ملف اللاجئين السوريين في تركيا ملفاً ضاغطا على اردوغان في الداخل ، وهو ملف مؤثر في الشارع التركي ، وجرى الاستثمار به إعلاميا وسياسيا من قبل المعارضة التركية لمواجهة أردوغان ، مما اضطره وحكومته لاتخاذ بعض الإجراءات الشكلية التي تخص هذا الملف تمثلت بالتضييق على اللاجئين لتخفيف الإحتقان في الشارع التركي ، وبالتالي فإن أردوغان يحاول خطف هذا الملف من بازار الجدال السياسي وعدم تركه ورقة بيد المعارضة التركية ..
ثانياً ؛ الامر الآخر الذي يخشى اردوغان من تفاقمه هو عملية نزوح جديدة ناتجة عن تحرير ادلب على يد الجيش العربي السوري اغلبها سيكون من غير السوريين من الإرهابيين متعددي الجنسيات وعوائلهم ، ما يعني زيادة في الضغوطات الممارسة عليه في الداخل . هذا الملف هو الآخر بات يؤرق اردوغان بالفعل ، وهو بيت القصيد لكلام اردوغان ، ولذلك عطف اردوغان كلامه هذا بالقول انه ستجري مناقشة قرارات مهمة خلال اللقاء مع بوتين في سوتشي ..
ثالثاً ؛ يتمثل بالعامل الكردي ومليشيا قسد ، وأكثر ما يخشاه أردوغان هو أن يكون حوار بينهم وبين دمشق يفضي إلى تفاهمات وحلول تنتهي بمواجهة الإحتلال التركي في الشمال والشمال الشرقي برعاية روسية وصمت أمريكي ..
أردوغان هذه المرة يريد من بوتين ان يخرجه من هذه الورطة ، بعد ان لمس تصلب الموقف السوري لجهة رفض كل الاشارات التي أطلقها هو ومستشاره وإعلامه لفتح التفاوض والحوار مع دمشق التي ترى ان الوقت في صالحها ويضيق أمام أردوغان في ظل التحولات الاقليمية والدولية والتي ما زال أردوغان خارج التفاهمات والمفاوضات التي تجري في ظلها ، في حين باتت دمشق محورا لها ..
بالمختصر ؛ اردوغان يريد ان يقول لبوتين “اضغطوا على سورية لكي تقبل الحوار معنا والذي ترى انقرة انه الحل الوحيد الذي ينقذها من هذا الورطة ، ويمنحها فرصة لإشراكها في التفاهمات والحلول التي تجري من وراءها بعد ان خسرت نفوذها في ملفات عدة بعيد سقوط حليفها الأساسي المتمثل بتنظيم الاخوان المسليمن وفروعه في دول عدة ، وخيبة أملها بالدور الذي كانت تنتظره في أفغانستان ..