لا يزال خطاب قائد الجيش، العماد جوزف عون، يُرخي بظلاله على المشهد السياسي، خاصة لجهة تعبيره عن الرغبة في رفض تطبيق قرارات السلطة السياسية. وازدادت علاقة قائد الجيش تعقيداً، بعد ورود معلومات إلى المسؤولين السياسيين عن أنه يطلب مساعدات مالية للجيش، من دول غربية وعربية، من دون المرور بالقنوات الرسمية.
تتسارع وتيرة الاتصالات الداخلية على خلفية التصريحات الأخيرة لقائد الجيش العماد جوزف عون. وبينما تعمّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عدم إبداء أي موقف علني، إلا أن زواره نقلوا عنه «امتعاضه لكون الخطاب عكس رغبة في عدم الأخذ بقرارات السلطة السياسية من جهة، وأظهر تساهلاً مع المجموعات التي تقطع الطرقات وتقود الحملات في الشارع ضد رئاسة الجمهورية». وقال الزوار إن رئيس الجمهورية يعتبر «أن من المبكر فتح سوق الانتخابات الرئاسية، وأن على قائد الجيش التفرغ لحماية المؤسسة العسكرية وحماية البلاد قبل أي شيء آخر».
وبينما قرأ كثيرون في خطوة النائب علي حسن خليل تقديم عون مالي سريع لعناصر المؤسسة العسكرية على أنه «خطب لودّ» قائد الجيش، فإن «النقزة» عادت لتحط في دار المختارة التي «تخشى سعي الجنرالات دائماً الى الرئاسة». ويلتزم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الصمت، رغم أنه «صار أكثر قلقاً من قيام تحالف كبير يهدف الى إطاحته كرئيس مكلف لأجل خيارات أخرى».
على الارض، واصلت مجموعات من حراك 17 تشرين يتقدمها «فرع الجيش» من المتقاعدين العسكريين، الدعوة الى توسيع التحركات الشعبية دعماً لخطاب قائد الجيش، وسط محاولة إشاعة مناخات إعلامية بان «تسلم الجيش» البلاد قد يكون أحد الحلول السريعة. وعاد ناشطون وناشطات من المجموعات القريبة من السفارة الأميركية للتحدّث عن خيار حكومة طوارئ مختلطة تضم عسكريين ومدنيين من شخصيات مرشحة لتولي مناصب الإدارة العامة.
في هذه الأثناء، علمت «الأخبار» أن قيادة الجيش أرسلت في طلب عدد غير قليل من الملحقين العسكريين في سفارات عربية وغربية في لبنان، وقدمت لهم طلب «مساعدات عاجلة» للجيش، وتتضمن لائحة المساعدات «تجهيزات عسكرية وطبية وأدوات صيانة للعتاد»، إضافة الى «كميات من المواد الغذائية والمحروقات». وأضيف إلى لائحة الطلبات بند لافت يتعلق بـ«دعم مالي يساعد على رفع قيمة أجور العسكريين»، على ما قال مسؤول بارز لـ«الأخبار». وأضاف الأخير أن المشكلة ليست في تجاوز قيادة الجيش المؤسسات الدستورية (مجلس الوزراء) وعدم أخذ موافقته على خطوة كهذه، بل إن المشكلة تكمن في «تجاوز العواصم الدولية للأعراف والأصول من خلال مناقشة أمور من هذا النوع مع مؤسسة رسمية من دون المرور بالقنوات الدستورية الممثلة بوزارة الخارجية أو الوزارات المعنية».
لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يتجاوزه الى ردود فعل عدد من كبار الضباط الذين شاركوا في الاجتماع الموسع مع القائد قبل أيام، والذين انقسموا بين متحمسين لرفع الصوت من أجل تحصين الواقع المالي للعسكريين، وبين الذين يبدون خشية من توريط الجيش في أدوار سياسية ضمن معركة العماد جوزف عون الرئاسية. وقال ضباط حضروا الاجتماع: «لقد ألقى خطاباً رئاسياً وتوجه إلى الشعب لدعمه».
الأخبار