في العام الجديد: لا تخف ان يزول حتى يزولا… بقلم: حمدي فراج
مدار نيوز/
مع اقتراب نهاية عام ، وابتداء عام آخر جديد ، يبدأ الناس بتهنئة بعضهم بعضا بانتهاء ذاك وإسجاء الامنيات بهذا ، وأن يكون القادم افضل من المنصرم ، وفي هذا السلوك شيء ما إنساني قديم ، قدم الانسان ذاته ، حتى قبل ان يتم توثيق الميلاد والسنة الميلادية ، ولهذا نشهد احتفالات شعوب أخرى بأعيادها وتقويماتها وطقوساتها الخاصة بها .
وينتاب الغالبية العظمى من سواد الناس ، ان الاعوام تحمل معها الاحداث على متن ايامها ، وما علينا نحن الا ان نتمنى ، فتستجيب الاقدار لنا وتحقق امنياتنا مهما كانت صعبة التحقيق . ولهذا على سبيل المثال لا الحصر ، عندما وقعت نكبة فلسطين عام 1948 لم يتشاءم الناس كثيرا إزاء سرعة عودتهم ، وكانوا يتداولون موعد هذه العودة بالايام ، ثم بالشهور ثم بالسنين حتى مضى على لجوئهم اليوم ثلاثة وسبعين سنة دون ان يعودوا ، بل انهم ماتوا قبل ان يعودوا . كانوا يهنئون أنفسهم بالجملة التالية : كل عام وانت بخير ، فيكون الرد : وأنت من العائدين ، والعائدين هنا تعني العودة الى بلده التي هجّر منها ، وعندما تضاءل هذا الحلم ، وخبا حد الاضمحلال ، على الاقل بالنسبة لمن ولدوا هناك ، توقفوا عن تبادل هذه الامنية .
بانتهاء كانون اول ينتهي عام وبحلول كانون ثاني يحل عام جديد ، فهل من المعقول ان نتوخى صيفا حارا ، هل من المعقول ان يتم اقامة دولة على شاكلة دولة اسرائيل في 1948 ونتمنى زوالها بعد سنة او سنتين او عشرة او حتى عشرين ؟ بعد عشرين سنة من قيامها احتلت ما تبقى من فلسطين ، وبعد حوالي عشر سنين حيّدت اكبر واقوى نظام عربي فيما عرف باتفاقية كامب ديفيد ، ثم منظمة التحرير بما عرف اتفاقية اوسلو ، ثم الاردن بما عرف باتفاقية وادي عربة ، ثم كرّت المسبحة فيما عرف باتفاقية ابرام ، دون ان تتنازل عن شبر واحد من ارض فلسطين .
عام عشرين عشرين (2020) الذي ينصرم ، ويود الناس في كل الاصقاع لو بإمكانهم ان يكسروا وراءه فخارة ، او يضربوه بالجزمة على حد تعبير اخوتنا المصريين ، بما حمله من سخط و عذاب وألم وموت وقلق ، لما ترددوا ، دون الاعتقاد ان القادم سيكون افضل ، معتمدين على حجم الاماني التي يسدونها لبعضهم بعضا بعد ان اصبح لكل صفحته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي . فقد قيل ان “بحر الاماني ليس له مواني” ، لكن هذا لم يمنع الشاعر اللبناني الكبير ايليا ابي ماضي ان يصيغ فلسفة الحياة في قصيدته الخالدة التي حملت نفس الاسم : إنّ شرّ الجناة في الأرض نفس تتوقّى، قبل الرحيل ، الرحيلا / وترى الشّوك في الورود ، وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلا / أدركت كنهها طيور الروابي — فمن العار أن تظل جهولا / تتغنى والصقر قد ملك الجو عليها ، والصائدون السبيلا / أحكم النّاس في الحياة أناس — عللّوها فأحسنوا التعليلا / فتمتع بالصبح ما دمت فيه — لا تخف أن يزول حتى يزولا .
The post في العام الجديد: لا تخف ان يزول حتى يزولا… بقلم: حمدي فراج appeared first on وكالة مدار نيوز.
الكاتب : نور حميدان
الموقع :madar.news
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2020-12-28 11:59:57
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي