غالب قنديل | رئيس مركز الشرق الجديد
ليس أرقى ولا أجمل من مشاهد المواجهات البطولية، التي يخوضها شباب فلسطين وفتيانها ضد آلة الاحتلال العاتية المدجّجة بأحدث الأسلحة المتطورة وبكل الدعم الأميركي والغربي، الذي يرفده استسلام حكومات وأنظمة خانعة، تعتاش على مخلفات الهزائم والنكسات، ويرعبها صعود المقاومة الشعبية والعسكرية ونهوض محور التحرر والاستقلال في المنطقة.
أولا: من العلامات الفارقة، التي لفتت انتباه المراسلين في الأرض المحتلة، أن المشاركين في التظاهرات المشتبكة مع جيش الاحتلال الصهيوني، هم فتيان في مقتبل العمر، يظهرون بأسا شديدا وتصميما وشجاعة نادرين في مجابهة آلة العدو العسكرية. وهذا يظهر نهضة أجيال فلسطينية فتية، تخوض معموديتها، وتسطّر صفحات ملحمة جديدة في مقاومة الاحتلال والكيان الغاصب على أرض فلسطين، وهو ما يفتتح فصلا جديدا من سيرة المقاومة الفلسطينية المستمرة.
إن هذا التطور يؤكد استحالة رضوخ الشعب الفلسطيني أو استكانته أمام الكيان الاستعماري الصهيوني الغاصب، وأن المعركة بين المحتلين الغزاة وأصحاب الأرض مفتوحة ومستمرة حتى التحرير.
ثانيا: تتزامن الانتفاضة الشعبية الفلسطينية مع تحولات مهمة ونوعية في البيئة الإقليمية. وهي بتفاعلاتها سترفدها وتضاعف مفاعيلها على صعيد موازين القوى، وهذا ما يمثل قيمة مضافة في وزن محور المقاومة وتأثيره الإقليمي ورصيده الاستراتيجي بحكم التشابك العضوي وقوانين وحدة الصراع الراسخة تاريخيا على مستوى الشرق وساحاته المترابطة والمتداخلة، وبالذات منذ تشكل محور المقاومة وتبلوره كإطار إقليمي منظّم لقيادة الصراع ضد الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي.
ليس من الفراغ أن تتزامن الانتفاضة المتجدّدة مع التعافي السوري، وتتويج ثبات هذه القلعة التحررية المقاومة على عهد فلسطين والتحرر الوطني، ولا من الفراغ أن يكون ذلك بالتوازي مع انعطاف كبير وحاسم في صعود إيران ومعركتها التحررية ضد الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي.
ثالثا: فسطين الأبية تلاقي بشبابها جميع شركاء المقاومة والتحرر في هذا الشرق، ويلتحم على أرضها شباب وكهول وشيوخ من نساء ورجال على ميثاق التحرر والمقاومة في أرقى صفحات النضال التحرري ضد الاحتلال الصهيوني، وحيث تسيل الدماء، ويرتقي الشهداء من أبناء الأرض. بينما يتحفز الفدائيون في الضفة وغزة، وصواريخهم تهزّ المستعمرات الصهيونية، وترعب الكيان، وهم بذلك يلهبون حماسة أخوة التراب في الشرق العربي وإيران وجميع أحرار العالم، الذين استنهض المقاومون والمنتفضون نخوتهم، فشرعوا يتحركون لنصرة فلسطين وأهلها.
توهم العدو الصهيوني يوما، بعد أوسلو، أنه انتزع ما يكرّس اغتصاب فلسطين بتوقيع فلسطيني وعربي، وتعزّز الوهم الصهيوني مع تمادي الحرب على سورية، وها هي الأرض المحتلة تكتب بدم شبابها صفحة جديدة، تشطب صكوك العار، وتمزقها بقبضات المقاومين البواسل.