حكمت عبيد | الحوار نيوز
لمناسبة عيد القديسة الايطالية لوسي، وبدعوة من السفارة السويدية في لبنان، أقيم احتفال حضره عدد كبير من الدبلوماسيين العرب والأجانب وشارك فيه وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، والقى كلمة لاقت استحسان الحضور، اظهر خلالها ثقافة عميقة في مقاربة حياة وقيم القديسة لوسي ومنها تطرق الى ما قدمته الكنيسة من فضائل وتسامح في الشرق وصولا الى ربط معنوي وثقافي في حادثة القديسة لوسي التي وصفها بالسعيدة وحادثة استشهاد الحسين ابن علي بن ابي طالب ودلالتهما.
ومن ضمن فاعليات الاحتفال كانت جولة على أقسام المتحف الوطني نظمتها الموظفة لوديا دباس التي شرحت للحضور المراحل التاريخية للموجودات وقيمها.
وعلى الرغم من الثقافة الأكاديمية للسيدة دباس، كان لافتاً المنهجية غير العلمية والتي انطوى عليها شرحها للموجودات والحقبات، وكانت تصف المعروضات وتردها ” للحقبة البيزنطية” مثلا وأخرى للحقبة العثمانية والفرنسية، وعندما تصل إلى قطعة ما تعود الى الحقبة الفارسية تقول: “… أما هذه فتعود لحقبة الإحتلال الفارسي”!
كررت السيدة دباس مصطلح الاحتلال الفارسي عدة مرات، وعندما كانت تمر من أمام قطعة تعود للحقبة البيزنطية تقول: نحن المسيحيين رسالتنا السلام، ولا أريد أن أضيف شيئاً فأنتم تعرفون ما أعني”!
وهكذا حتى ظهر الإستياء لدى بعض الحضور وعدم فهم الطريقة التي قدمت السيدة دباس عرضها. ومع انتهاء العرض، إنجلى الموقف:
تتقدم دباس من الوزيرة السابقة مي شدياق بإبتسامة عريضة لتبادر بالقول: هل وصلت الرسالة؟
فتجيب شدياق بإبتسامة عريضة هي الأخرى: بهنيك وصلت وبقوة، كيف أتتك هذه الفكرة وقد كررت لنحو أربع مرات الاحتلال الفارسي… برافو”.
اي نوع من الموظفين يمثلون وزارة الثقافة؟
وأي ثقافة يتعمدون تعميمها؟
أهي ثقافة الكراهية والحقد بحق طائفة بعينها أو بحق أي مكون وطني وروحي في لبنان؟
هل وصل بنا الأمر للتحريض على طائفة معينة أو على جزء منها، من بوابة التراث المادي، لنسيء الى ثقافة التنوع والوحدة والحوار التي هي ألإرث الأكبر للبنان؟
إن استخدام مصطلح “الاحتلال الفارسي” والغمز من قناة المشهد السياسي الراهن على تعقيداته، بمناسبة يحضرها وزير الثقافة الذي شدد على أهمية تلاقي الثقافات والحضارات في كلمته، أمرٌ يحتاج الى أجوبة لوقف استغلال المنابر العامة- الوطنية لتسويق ثقافة الانقسام والكراهية والحقد الطائفي.
كم نحن نحتاج الى إيمان لوسي وبصرها وبصيرتها وهي شفيعة المكفوفين لينير الله عقول وعقول من اعمتهم الكراهية.
من هي القديسة لوسي؟
وُلدت القديسة لوسيا (أو لوسي، ويعني اسمها نور أو منيرة) في سيراكوزا بصقلية في نهاية القرن الثالث الميلادي، وكان والداها من أغنياء المدينة الأتقياء، وقد ربياها تربية مسيحية حقة وعلماها الصلاة والتسبيح ومطالعة الكتاب المقدس والتمتع بحياة الروح والذهاب إلى الكنيسة كل يوم أحد ، تربت لوسيا في حرارة العبادة والاحتشام، وعندما مات والدها وهي في السادسة من عمرها اختارت لها أمها أوتيكا عريساً شاباً ذو أخلاق حميدة غير أنه كان وثنياً، ولما شعرت القديسة بنية والدتها طلبت منها أن تؤخر الأمر وتدعها بضع سنين حتى تقرر أمرها، فوافقت الأم إلا أن الشاب أخذ يلح عليها مراراً بينما كانت لوسيا تصلي ليلاً ونهاراً بدموع لكي ينقذها الرب من هذه التجربة. وبعد مدة مرضت الأم فتشفعت القديسة لوسيا لدى القديسة أغاثي التي ظهرت لها في حلم، وقالت لها أن تطلب من رب المجد فيستجيب لطِلبتها، وفعلاً قامت وصلَّت صلاة حارة فشفيت والدتها ووعدتها بأنها لن ترغمها على الزواج من ذلك الشاب الوثني. وقامت الأم وابنتها ببيع ممتلكاتهما للتصدق على الفقراء، إلا أن الشاب وشى بهما لدى الحاكم بسكاسيوس، فأرسل وقبض على لوسيا وأخذ يلاحقها تارة ويعذبها تارة أخرى حتى أمر بإرسالها إلى بيت الخطية لأنه كان معجباً بعينيها مراوداً إياها لفعل الخطية. رفعت البتول يديها إلى السماء مستغيثة بالرب ثم اقتلعت عينيها وألقتهما في وجه الحاكم، حينئذ ألهمها رب المجد وجعلها تثبت في مكانها كالصخرة حتى عجز الجنود عن أن نقلها من مكانها، فربطوها بحبال وأخذوا يشدونها من مكانها حتى خارت قواهم. وعندما ألقوها في النار كانت تصلي لوسيا للرب وخرجت معافاة، فأمر الحاكم بضرب عنقها بالسيف ولكن الضربة لم تكن كافية لفصل رأسها عن جسدها فلم تمت القديسة حالاً، فأخذها المؤمنون إلى بيت قريب وأحضروا لها القربان المقدس فتناولت منه ثم رقدت بسلام وكان ذلك في 13 ديسمبر. منذ بداية القرن الرابع والتقليد المسيحي الغربي يتخذ من القديسة لوسيا الشهيدة شفيعة للمكفوفين وضعاف البصر وترسم صورتها دائمًا وهي حاملة عينيها في طبق.