زهراء احمد | خاص اسلام تايمز
وبرغم أن الصورتين تتمتّـعان بهذا الوصف، أي افتراضاً أنهما واقعيتان، إلا أنهما ليستا حقيقيتين إلى الدرجة التي تجعل الوثوق بهما لا يقبل نقضاً ولا يحتمل شكّـاً.
والصورتان في حقيقة الأمر، مجرد فقّـاعة أو لحظة عابرة سجلتها عدسة كاميرا الزمن تتعلق الصورة الأولى بالفرضية التي أشاعتها الإدارة الأمريكية إبان الاحتلال وسقوط النظام السابق، من أن العراقيين سيستقبلون القوات الغازية بالورود والزغاريد لتخليصهم من جور النظام الصدامي، فيما تتعلّـق الثانية بسقوط بغداد السريع والمُـريب على ما رآه العالم بأسره دون مقاومة وكل ما رافقه من صور مضللة.
ولفهم حقيقة ما جرى ويجري لابد من التخلّـص من تأثير هاتين الصورتين أي التحرر من وطأتهما لفهم ما يجري واستيعابه.
ومن المفيد التذكّـر أن عمليات المقاومة العراقية ضد الوجود الأمريكي والبريطاني المحتل بدأت منذ المرحلة التي سبقت سقوط بغداد، ومع احتلال العراق بأسره صارت تلك العمليات تتخذ صوراً شتى، فمن عملية فدائية ينفذها مواطن هنا، إلى مهاجمة رتل عسكري أو موقع قوة معادية تنفذه مجموعة ما إلى كتابة الشعارات المناهضة للإحتلال على الجدران ونشر البيانات التي تُـروِّج لثقافة التصدي والمواجهة، وكل ذلك مما يندرج تحت هذا الإطار العريض والواسع الذي أخذ صفة (المقاومة العراقية).
اليوم وبعد اكثر من 18 عاماً منذ سقوط النظام أصبحت المقاومة العراقية أكثر تنظيماً وخبرة، كما أنها من الناحية التكتيكية أكثر دقة في مواجهة الاحتلال الأمريكي، وباتت تمتلك أسلحة اكثر دقة في إصابة الاهداف وتحقيق خسائر مادية وبشرية كبيرة، وحتى من كان يشكل عليها ويشكك بها بأنها غير شرعية، وان الدولة العراقية لديها اتفاقيات موقعة مع الولايات المتحدة، فإن هذه النقطة قد ذابت ايضاً بعد تصويت مجلس النواب بخروج القوات المحتلة بعد اغتيال القادة الشهداء.
ومع انتشار عمليات التصدي للوجود الأمريكي في العراق خلال الأشهر التالية، تدور العديد من الافتراضات وتتناقل وسائل الإعلام كمّـاً هائلاً من المعلومات والتحليلات عن طبيعة تلك العمليات وحقيقة الأهداف الكامنة وراءها.
ولابد من الإشارة أولاً إلى أن عمليات المقاومة الجارية منذ اغتيال القادة الشهداء وحتى يومنا هذا لم تتّـخذ طبيعة منظمة إلى الحد الذي يسمح باعتبار أن جهة أو جهات محددة وموصوفة بدقة تقف وراءها بالضبط، لأن ما جرى في السابق ويجري الآن لا يسمح بإطلاق هذا الوصف بالضبط عليها وذلك لأن العمليات تجري في عدة مناطق جغرافية مختلفة ولأن الجهات التي تعلن عن مسؤوليتها هي بمسميات غير معروفة للإعلام.
لذلك يسود الإعتقاد أن عمليات المقاومة العراقية للإحتلال الأمريكي تكتسي صفة فردية في الغالب وهي في بعض الحالات تكتسي طابعاً محلياً، ولا يُـعتقد أن ثمة جهة واحدة منظمة فعلاً هي التي تقف وراءها. لكن ذلك لا يعني أن المرحلة المقبلة لن تشهد قيام فصيل معروف يتبنى العمليات ضد الاحتلال الأمريكي علناً.
من يقوم بتلك العمليات إذن؟
سؤال يبدو أنه الأهم من بين الأسئلة المُثارة حتى الآن، ومع أن أياً من المحللين لا يستطيع أن يُعطي جواباً قاطعاً بشأنه إلى الحد الذي لا يسمح برأي آخر مخالف، إلا أن الإجابة الدقيقة عنه إلى الحد المعقول ممكنة أيضاً، وهي أنّ من يقوم بتلك العمليات مجاميع صغيرة تابعة لفصائل المقاومة، الا انها تتخذ مسمياتٍ أخرى لتجنب الفصائل الإحراج والإحتكاك مع الحكومة الحالية، لكي لا تتعرض للضغط من البيت الابيض يتراصف مع هذه الفصائل الشعب العراقي الناقم إزاء الفساد وتدهور الأوضاع المعيشية والأمنية، والذي يعتقد بأن الاحتلال هو السبب الاول بعمليات الفساد والنهب المنظم، وهو من فتح المجال للفاسدين لتولي السلطة في العراق وهو ايضاً من يمنع قيام أي نهضة اقتصادية للعراق وآخرها تدخلاته اثناء قيام حكومة عادل عبد المهدي بإجراء الاتفاقية مع الصين وتحريك الشارع ضده.
الولايات المتحدة لا زالت مصرة على بقاءها في العراق على الرغم من الرفض الشعبي والقرارات التي صدرت من مجلس النواب العراقي ولا زالت تعتدي على أبناء الحشد الشعبي والفصائل المقاومة، وآخرها عمليات القصف على الشريط الحدودي مع سوريا التي راح ضحيتها 4 شهداء وأعداد من الجرحى، على الرغم من ان الفصائل المقاومة كانت تتخذ تكتيكاً في هجماتها يستنزف القوات عسكرياً وهذا ما صرح به الأمين العام لعصائب اهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، واضاف ان الاحتلال الامريكي أثبت انه لا يراعي دماء الشعب العراقي، لذلك سوف تتبع المقاومة أسلوباً جديداً يستهدف القدرات البشرية.
وهنا دخلت المقاومة بمرحلة جديدة قد تأخذ العمليات المقبلة اسلوباً يستهدف القوات المحتلة للثأر لشهداء الحشد الشعبي المقدس، لذلك فإن الصيف سيكون لاهباً على قوات الإحتلال الأمريكي وسنشهد عمليات مشابهة للعمليات التي حصلت بعد عام 2003 ومواجهات مباشرة.