محمد صادق الحسيني | كاتب وباحث ايراني .
في الساعات الاولى التي اعقبت عملية تخريب احدى صالات تخصيب اليورانيوم في نطنز ، وهي العملية الثانية خلال عام لعملاء محليين شغّلتهم
” اسرائيل” للمشاغبة على البرنامج النووي الايراني في نطنز بعد وقوفها عاجزة امام التقدم الهائل للجمهورية الاسلامية في علوم الذرة وتحولها الى دولة نووية كاملة المواصفات بامتياز…!
قامت ايران بمهاجمة المقر الاسرائيلي السري للموساد في احدى ضواحي اربيل في كردستان العراق وقتلت ثلاثة من اخطر جواسيس العدو الصهيوني المتخصصين في عمليات العمل الارهابي داخل الاراضي الايرانية انطلاقاً من غرفة عملياتهم هناك وهم الذين كانوا قد قدموا الى اربيل من تل ابيب ومن باكو عاصمة اذربايجان قبل اشهر قليلة للاستقرار هناك ، فكانت الصدمة الاولى لحكومة العدو…!
ثم بعد اقل من اسبوع على ذلك قامت ايران بنقل المعركة الى الداخل الاسرائيلي بشكل مختلف تماماً عن كل معارك الظل التي ظلت تخوضها ضد العدو الصهيوني منذ سنوات في البلدان الاخرى من العالم او البحار…!
وهكذا كان الانفجار الضخم لمعمل صناعة الصواريخ قرب القدس …نعم قرب القدس..!
لهب الانفجار كان يُرى من على بعد ثلاثة كيلومترات، والضربة جعلت الكيان الصهيوني في ذهول كبير يقلبون ايديهم يمنة ويسرة…!
كان هذا التحول في المواجهة بمثابة ضربة موجعة ومؤلمة جداً لحكومة نتن ياهو التي لطالما تباهت بانها صاحبة اليد الطولى داخل ايران وسورية دون تعرض الجبهة الداخلية لديها للخطر…!
وبالإطلاع على الأنباء الواردة عن موقع إنفجار مصنع الصواريخ الإسرائيلية المتطور في غوش دان بين الرملة و تل أبيب، فقد تبين الآتي:
1- مكان الانفجار هو في مصنع تومر ، الواقع في منطقة عسكرية داخل الاحياء الجنوبيه الغربيه لمدينة الرمله . ويقع هذا المصنع بين حي بير يعقوب Beer Takov وحي جواريش Hawarish وعلى بعد اقل من مائتي متر عن الخط السريع رقم ٤٣١ ، الرابط بين الرملة وضاحية ريشون ليتسيون جنوب تل ابيب . وهو مصنع متخصص في انتاج محركات الصواريخ البعيدة المدى من طراز اريحا والقادرة على حمل رؤوس نوويه ويصل مداه الى خمسة آلاف كم .
2- تصوير الإنفجار تم منذ اللحظات الأولي، وهو يقع علي الجهة الشرقية لسحابة الدخان التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي،حيث يبتعد الموقع حوالي ٣ كيلو متر بعيدا عن موقع الإنفجار.
3- في هذه الاثناء كانت قد تحولت حركة بعض الطائرات وإنتظرت فوق مطار بن غوريون بعض الوقت ، مما يشير الى أن الضربة من الخطورة بمكان بحيث انها افضت الى تعطيل حركة الطيران في مطار تل أبيب.
4- لم يحدث أن تعرضت هذه المنشأة لإنفجار عرضي، وهي محمية ومؤمنة بشكل كثيف وتقع بين الأحياء السكنية، وأن وضع الصواعق وتجارب الإطلاق( كما تدعي تل ابيب) لا تتم في هذا المبنى وإنما يتم في صحراء النقب أو في دول كالمكسيك والارجنتين.
5- أغلب القنوات الأمنية الاسرائيلية أطبقت أفواهها مع أن الإنفجار لا يبعد الكثير منهم سوي بعض مئات الأمتار كالقناة 20 العبرية مثلا…!
ومن ثم ما هي الا ايام واذا بالخبر يأتي هذه المرة من صحراء النقب وبالتحديد في يوم تأسيس الحرس الثوري الايراني لتقول طهران كلمتها مع ساعات الفجر الاولى من هذا اليوم الايراني المقدس:
ان صاروخ الفجر كان ميقاتا
اذا ضربتم نطنز نضرب ديمونا
وهي رسالة تحذيرية صارمة وشديدة القوى لحكومة نتن ياهو …
رسالة ايرانية سورية مزدوجة يفترض بها ان تؤسس لقواعد اشتباك جديدة مع العدو الصهيوني واضحة المعالم مفادها بانه
لم يعد بامكان تل ابيب الاستمرار او التمادي في عنتريات حكومة نتن ياهو لا مع طهران ولا مع دمشق…!
فالصاروخ ايراني ودقيق جداً وينطلق من سورية وفي عيد تأسيس الحرس الثوري
وأن يكون موقع إطلاق الصاروخ من سورية وبإتجاه منطقة قريبة من مفاعل ديمونا التي تبعد نحو 200كلم عن موقع الإطلاق ويرجح أن الصاروخ المستخدم هو من نوع فاتح 110 وهو الصاروخ الباليستي أرض أرض الذي يستخدم الوقود الصلب وهو الدقيق الإصابة والذي ينفصل رأسه عن بدنه ومداه الأقصى 300كلم.، يعني ان ما تعهد به الايرانيون غداة عملية نطنز التخريبية بالرد في
الزمان والمكان المناسبين قد تحقق…!
وبهذا تكون قد سقطت كل منظومات الكشف عن الصواريخ وتصيدها من پاتريوت الى حيتس التي كان يتباهى بها العدو والتي اعاد ترميمها لتصبح “المنظومة التي لا تهزم ولا تخترق” بعد ان ارسلها في العام ٢٠١٩ الى الاسكا في الولايات المتحدة لتقوم احدى الشركات الاميركية باصلاح كافة الاعطال او الثغرات التي كانت تعاني منها في السابق..!
سقوط القبب الحديدية والمنظومات المضادة للصواريخ امام “فاتح” عهد انتقال المواجهة الايرانية- الاسرائيلية الى حافة ديمونا انما يسجل بداية معادلة جديدة من الردع ومن قواعد الاشتباك التي ستجعل العدو من الان فصاعداً يفكر طويلاً قبل ان يغامر باي حماقة جديدة تجاه ايران فضلاً عن التفكير مجدداً بمقولة اخراج ايران من سورية ….!
ذلك ان ما تم التأكيد عليه ايضاً في هذه العملية الصاروخية النوعية هو ان ايران لن تخرج من سورية الا الى فلسطين ، وهو ما سبق ان اكدنا عليه في كل تحليلاتنا السابقة…!
وكما قال القائد الشهيد الحاج قاسم سليماني لاوباما في العام ٢٠١٥ فان قيادة قوة القدس الجديدة التي اشرفت على هذا العمل النوعي ، ارادت ان ترسل (من خلال صدمة الفجر الصاروخية) ، رسالة تأكيدية اضافية لبايدن مفادها:
ان ارض الشام معراجنا الى السماء ومقبرة للغزاة..!
كما كان يردد الفريق قاسم سليماني.
اخيراً وليس آخراً فان ثمة من يقول بان رسالة فجر الخميس الصاروخية هذه ربما كانت بمثابة تدشين عمل الجنرال ابو باقر خليفة السيد حجازي في قيادة القدس والتي ارادها ان تكون رسالة شديدة القوى لتكون التحذير الاخير قبل هدم الهيكل على رأس نتن ياهو ورهطه من صهاينة وعنصريين محتلين وذلك من خلال كتابة الصفحة الاخيرة في سِفْر تحرير كل فلسطين على يد قوات حلف ًالمقاومه .