مفيد سرحال | كاتب وباحث لبناني
مذ أن استعذب ماكنزي مياه بئر غزة في البقاع الغربي الذي حفره الفرنسيون في العشرينيات من القرن الماضي ، ويمم وجهه شطر تلول دير العشاير واستظل غابة اعمدة الارسال والصحون اللاقطة واستمتع واستطلع ومط عنقه من خلال الابراج البريطانية والكاميرات الحرارية فوق الاخاديد التي شرَّحها مبضع المستعمر الفرنسي عابثا” في جسد الجغرافيا والتاريخ ،مطلا”على ميسلون وحرمون وقاسيون والقلمون وكل حصون القلعة الشامية الرابضة فوق ارض العز .
ومذ ان كشف ذات غزوة آذارية الستارة عن مسرح عمليات اعتملت فيه كل التساؤلات والحسابات والاستنتاجات والخطط المزمعة لهذا الثغر البري المرصود على ما يبدو لوظيفة استراتيجية قد تأخذ شكل معبر ؟؟ او عبَّارة !!! شأنه شأن كل المعابر التي استخدمها الاميركيون لتقطيع الاواصر وسد المنافذ لاسيما في شمال وشرق وجنوب سوريا وزرعوا في كنفها الارهاب للتحريك في الظرف المناسب والضغط على الجيش العربي السوري واعاقة حركته.
واستطرادا لا بد من التذكير الى ان طرحا جديا جرى تداوله عام 2015 لفتح معبر من دير العشاير باتجاه سوريا شبيه بمعبر المصنع غير انه اصطدم بموانع سياسية على مستوى عال وقتذاك بعدما طرح من جهات امنية لبنانية.
تلك (الطوشة) التي احدثها الغازي ماكنزي بما يمثل من موقع عسكري رفيع على مستوى الاقليم تناسلت تردداتها بحيث لم ينقطع الاستحمام في آبارنا و الاستجمام تحت جلدنا والعيون والاستعلام عن ربوعنا في راشيا والبقاع الغربي !!!!متخذا آليات اشتغال ووجوه مختلفة لكنها تصب نهاية الامر في خانة الاهتمام الاميركي الملحوظ المريب والمستهجن بهذه المنطقة .
نعم ماكنزي ومعه دوروثي شيا مشيا مكشوفي الرأس دون معرفة ما سيرشح من الرأس كما السمك تخرج رائحته من رأسه ؟!
خلاصة القول ان الغزوة لم تنته وطيف ماكنزي لا زال حاضرا” من خلال الحضور الاميركي المتعدد السحنات والجنسيات والاقنعة الاكثر نعومة وبشاشة والاقل نفورا واستفزازا وتوكيدا” نستعرض جانبا من التحرك الاميركي المباشر او عبر حلفاء اميركا الاوروبيين المهتمين بالزراعة وانشطة التشجير وتقديم المساعدات الغذائية والمالية عبر مراكز ال omt وخلاف ذلك ..بعد توليف المعلومات الشخصية لصاحب الخدمة عبر البريد الالكتروني تشجيعا”للزراعة والتحريج واساليب الري الحديثة !!
_في 1/4/2021بدأت الجمعية الالمانية للتعاون GIZ وهي وكالة تنمية المانية مقرها في بون واشتورن تقديم مساعدات غذائية واستصلاح وتشجير اراض في مشغرة وعيتنيت والقرعون وتقديم معدات للمدارس المهنية في مناطق راشيا والبقاع الغربي وحاولت التمدد في عمق المناطق التي تتواجد فيها المقاومة لاسيما في قليا في البقاع الغربي غير ان الهيئة المحلية الرسمية اعتذرت عن التعاون واستمر العمل حتى 22/4/2021 في بقية المناطق.
في 28 /4/2021 استماتة بعثات اجنبية تحت عنوان توثيق وتحديد اماكن اثرية في مناطق حساسة في راشيا والبقاع الغربي قوبلت بالرصد والصد …
في 1/5/2021جرى الحديث عن محاولة السفارتين البريطانية والاميركية استملاك او استثمار مساحة واسعة من الاراضي تزيد عن العشرين دونما في سهل البقاع الغربي بين( غزة وجب جنين ولوسي) لاستخدامها في شؤون لوجستية او عسكرية خاصة طائرات الدرون الاستطلاعية نظرا لاهمية تلك البقعة المتماهية مع الحدود اللبنانية السورية شرقا وتحديدا نقطة المصنع وتتحكم بالكتلة الحبلية من تومات نيحا مرورا بالباروك حتى جبال عين دارة وضهر البيدر وتشكل عقدة قطع بين البقاعين الشمالي والجنوبي كخط امداد حيوي للمقاومة غير ان الاهالي والمسؤولين المحليين على درجة عالية من الوعي والحيطة لاحباط اي محاولة في هذا الاتجاه.
ولا حاجة للتذكير بالاسطوانة المشروخة حول نغمة نشر قوات دولية عربية او اجنبيةعلى الحدود اللبنانية السورية وتوسيع دائرة نفوذ القرار 1701 بمواكبة حملات اعلامية وسياسية محمومة تتركز على ما يسمى التفلت الحدودي تحت لافتة التهريب فيماالمقصود شيئ آخر بمعنى ((ان الصوت صوت عيسى واللمس لمس يعقوب ))
في 9/ 6/2021 وفد من الاستخبارات الاميركية CIA عبر من قب الياس الى كفريا ،جب جنين،لالا،بعلول في البقاع الغربي بحماية امنية وتوقف لمدة نصف ساعة في سهل كفرمشكي في قضاء راشيا داخل سيارات مقفلة في وهدة طبيعية تتوسط قضاءي راشيا والبقاع الغربي المتاخمة لمناطق تواجد المقاومة ومن ثم اتجه جنوبا باتجاه مرجعيون. مع الاشارة الى ان للوكالة الاميركية للتنمية انشطة زراعية واسعة النطاق في ذلك المحيط.
بتاريخ 10/6/2021 وفد عسكري اميركي زار القرعون في البقاع الغربي وفي المعلومات ان الغاية تسويق انشطة تنموية للوكالة الاميركية للتنمية.
بتاريخ 11/6/2021 السفيرة السويسرية والسفير الايطالي جالا عند السفوح الغربية لجبل الشيخ وتحديدا منطقة اليابسة التي تعتبر منطقة عسكرية في عهدة الجيش اللبناني وقد شغلها الجيش العربي السوري سابقا” نظرا لكونها مفتوحة على منطقة مزارع شبعا وتعتبر ثغرة اختراق خطرة للدبابات ولا زالت خنادق عميقة حتى اليوم في المدى الحيوي لليابسة باتجاه الجنوب قائمة منذ التسعينيات كعوائق ومطبات.
بتاريخ 15/6/2021 وفد عسكري اميركي يقدم مساعدات طبية ومواد تعقيم وكمامات لاحد المرافق الصحية الرسمية في منطقة راشيا.
بناء عليه يبدو ان طيف ماكنزي يحوم دون حوامة في مناطق راشيا والبقاع الغربي بصورة تسترعي الانتباه عبر تحركات تلبس لبوس البساطة الى حد السخافة لطابعها المشدود بإيحاءات تنموية وملمح انساني .
قد نكون بالغنا في مخاوفنا وشطحت افكارنا في فضاءات المؤامرة واستسلمنا للتكهنات وعوالم الافتراض لكن الاحتراز واجب كي لا نقع في حبائل تلك المظاهر الخادعة كالقبور المُكلَّسة التي تهدف الى كسر الصورة الراسخة في الاذهان حول الغطرسة الاميركية وسياساتها الجائرة وغني عن البيان ما نعانيه من حصار مالي وقهر اقتصادي وتجويع وتدمير ممنهج للمؤسسات والدفع باتجاه تحللها وصولا للارتطام الكبير .
وما يستتبع ذلك من فوضى وتفلت امني واستحضار واستذكار لصور قاتمة كنا قد طويناها في الذاكرة.
ان التآلف مع ظاهرة الجنود الاميركيين في زياراتهم للمؤسسات الخاصة والعامة واستساغة مشهد اللافتات التي تحمل تشكرات على مشاريع الوكالة الاميركية للتنمية في البلدات والدساكر في عملية تذهين ذكية تخلق مقبولية سيكولوجية وتماه تلقائي مع الانسانية الاميركية المفرطة!! والتشبيك المتعمد مع الهيئات المحلية قد يفضي الى الارتياح والاستملاح التدريجي لتحركهم والترويج لمسوغات خدماتهم وصولا لاستسهال التسليم بتواجدهم المادي والاعتداد بانشطتهم ؟؟؟؟
باختصار يجب الا تغيب النواطير عن الثعالب فكرومنا مكتنزة وعنبنا حرام على ماكنزي.