عودة العلاقة السعودية مع لبنان تنتظر جوابه عن تنفيذ بيان جدّة

كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني

لن تعيد السعودية علاقاتها الديبلوماسية والاقتصادية مع لبنان، بالسرعة التي يتوقعها البعض، لان امام المسؤولين فيه سلة شروط عليهم ان ينفذوها، وهي التي وردت في البيان المشترك الفرنسي ـ السعودي، حول لبنان، الذي لا يبدو انه قادر على وضع كل البنود الواردة فيه موضع التطبيق، كمثل القرارات الدولية 1559 و1680 و1701، والتي كلها تضيّق على المقاومة وسلاحها، في وقت لا يطلب من اسرائيل الالتزام بها.

لذلك، فان بيان جدة الذي صدر عن قمة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، مؤجل التنفيذ في لبنان، لان في بعض بنوده، خلافا استراتيجيا حول مسألة الدفاع عن السيادة اللبنانية، وهو ما يعرف بـ»الاستراتيجية الدفاعية» التي اقيمت طاولات حوار حولها، ولم يتفق الاطراف اللبنانيون حولها، اضافة الى ما يُطرح حول هوية لبنان هل هي عربية أم فارسية بالمعنى السياسي، وهو ما تثيره دول عربية وتحديداً خليجية، وفي كلام اوضح، هو هل لبنان في المحور الايراني المسمى مقاوماً، أم في المحور العربي الذي اصبح في غالبيته مطبّعاً مع العدو الاسرائيلي؟

من هنا، فان عودة العلاقات السعودية ـ اللبنانية الى سابق عهدها، ستتأخر الى وقت يُحسم فيه، موقع لبنان من صراع المحاور في المنطقة، وسبق له وان شهد مثله في عقود سابقة، وما زال، وهذا ما ادى الى نشوب ازمات ومعارك عسكرية وحروب اهلية، اندمج فيها الشأن الداخلي بالخارجي، وما سمي اصطلاحاً «صراع الآخرين على ارض لبنان»، او ما كان يدعو له البعض عن «فك ازمة لبنان عن ازمات المنطقة».

فالمشهد نفسه يتكرر في كل مرحلة في لبنان، حيث يؤكد مرجع ديبلوماسي لبناني بأن ما يطلب من لبنان تنفيذه وفق بيان جدة، فيه من الصعوبة، وهذا ما يعرفه الفرنسيون والسعوديون كما مراجع دولية واقليمية، بأن لبنان يتحول الى ساحة اقتتال داخلي، وحرب اهلية اذا ما قرر فريق نزع سلاح «حزب الله» او ما بدأ تداوله «مقاومة الاحتلال الايراني» فإن ذلك سوف يؤدي الى نزاع عسكري اذا لم يتم التوافق حول موضوع اساسي هو الدفاع عن لبنان بوجه الاطماع الصهيونية في ارضه ومياهه والان نفطه وهذا ما كان مدار خلاف على مدى عقود فيما كان يعرف بقوة لبنان هل في ضعفه كما طرح مؤسس حزب الكتائب بيار الجميل ام بتسليح جيشه وتأسيسه على عقيدة قتالية بوج العدو الاسرائيلي كما طلبت الحركة الوطنية اللبنانية؟

والجواب الرسمي اللبناني سيتأخر على دعوة الرياض الحكومة لمعالجة موضوع»حزب الله» وسلاحه ونفوذه وبأن يكون الجيش هو الجهة الوحيدة المعنية بحمل السلاح كما في قرار الحرب والسلم حيث يذكّر المرجع الديبلوماسي بموقف المملكة من حرب تموز 2006 بتحميل»حزب الله»ما قام به من مغامرة عندما هاجم دورية اسرائيلية وقتل جنودها ونقل جثثهم فتسبب بالحرب على لبنان.

فهذه المسألة باتت مرتبطة بالبعد الاقليمي اكثر منه بالداخلي اللبناني وفق المرجع الذي يشير الى ان «حزب الله» لا ينفي بأنه بات قوة اقليمية يقاتل من ضمن محور يمتد من ايران الى العراق فسوريا ولبنان وغزة وصولا الى اليمن ليمدد دوليا الى فنزويلا وغيرها من دول حلفاء «لمحور المقاومة» الذي يواجهه محور اخر اقام علاقات مع الكيان الصهيوني سلما وتطبيقا وديبلوماسية واقتصادا ولبنان هو في محور المقاومة مع قوة «حزب الله» فيه والانتصارات التي احرزها في تحرير الارض اللبنانية المحتلة من العدو الاسرائيلي، خارج مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، حيث ابقت المقاطعة سلاحا مشروطاً بتحريرها، كما في تصدي الحزب للجماعات الارهابة المسلحة عند سلسلة جبال لبنان الشرقية، او في الداخل السوري.

وفي هذا الاطار، فان قيادياً فاعلاً في محور المقاومة، يسأل، حول ما تطلبه السعودية من لبنان، بنزع سلاح «حزب الله» واضعاف المقاومة بوجه العدو الاسرائيلي، فهو يخدم مَنْ، الا يصب لمصلحة الكيان الصهيوني، الذي اقامت منظمة التحرير الفلسطينية معه سلاماً، فنالت سلطة دون الارض، التي ما زال يبني المستوطنات عليها، ويقيم الجدار الفاصل، ويقضم الاراضي، ويطرد السكان، ويستولي على القدس عاصمة ابدية لدولته العبرية، فادى ذلك الى انتفاضات متعددة بوجهه، اليس قرار الحرب بيد اسرائيل، التي هادنها لبنان لسنوات وانتظر منها تنفيذ القرارات الدولية، واحتلته مرتين، واعتدت عليه مرات، ولم تحرره الا المقاومة والجيش والشعب بقرار حرب، لا السلم.
الديار
Exit mobile version