الدكتور حسن احمد حسن | باحث سوري مختص بالجيوبوليتيك والدراسات الإستراتيجية .
موتوا بغيظكم يا كل طواغيت الكون وأشرار العالم… تقاسموا أسباب الانكماش والعجز عن رؤية الحقيقة الصادمة المروعة التي تقول ملء الفيه: ها هي المقاومة تنتصر، وتمدُّ أحزمة ضيائها لتحصد الظلام والخوف والتردد، ولا يجد الظلاميون الجدد أمامهم من سبيل إلا كما ورد في قوله تعالى: “يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين”.
هبَّة الأقصى لم تعد مجرد هبَّة عفوية، وصرخة مدوية في وجه المحتل القاتل بل غدت نبضاً قدسياً يسري في شرايين فلسطين المحتلة بغالبية جغرافيتها، بما في ذلك الأراضي المحتلة منذ 1948، فظهرت الكوفية الفلسطينية متحدية شرطة الاحتلال وسلطاته ومظاهر قوته التي عجزت عن إخفاء التخبط والارتباك، أو التقليل من العويل والارتجاجات الحبلى بالمعاني والدلالات، وهذا احد المتغيرات الجوهرية في معادلات الصراع وقواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني، الأمر الذي يبنى عليه الكثير، فالفلسطينيون لا يقاومون بأجسادهم، وبما يمتلكونه من أدوات ووسائط فقط، لأنها لا تقاس بما لدى العدو، بل يقاومون بأرواحهم المسكونة بنهج المقاومة واليقين بالنصر يفوح بعبق الشهيدين القائدين عماد مغنية وقاسم سليماني.
السماء الفلسطينية ازدانت بشهب الإرادة، وعجزت القبة الفولاذية ومقلاع داؤود ومنظومة حيتس ومعها الباتريوت عن منع وصول صواريخ الحق إلى أهدافها، وعادت تسمية البطن الرخو لتشمل داخل الكيان بكليته، بما في ذلك تل أبيب ومحيطها، وعلا صراخ المستوطنين، وتكبيرات الأقصى تستنهض ما تبقى من ضمير إنساني موءود، وثبت بالدلائل القاطعة أن الحق يحتاج إلى قوة تحميه وتحصنه، وتمنع أصحاب الرؤوس الحامية من تصدير أزماتهم الداخلية عبر الهروب إلى الأمام الذي يزيد أصحاب الحق عزماً وبأساً وإصراراً على الدفاع المشرف وفرض قواعد اشتباك جديدة.
نعم إنها الإرادة العصية على المصادرة أو التهميش والتذويب… إنها روح المقاومة تنتقل عبر شرايين مباركة أشرف على سلامتها قادة مقدسون خالدون..يمكنكم أن تجتروا تبجحاتكم وعربداتكم التي كررتموها عبر سنوات، وها أنتم تلعنون أنفسكم بما كسبت أيديكم الآثمة المجرمة.. تتقيؤون خيباتكم، وتعيدون ابتلاع ما تقيأتموه مرغمين، فقطار الرد الممنهج قد اكتمل تركيب عرباته و استوى على السكة، وليس أمامكم إلا انتظار المزيد مما يخطر على الذهن، ومما لا يخطر..
تساؤلان مشروعان:
من حق السوريين الشرفاء، وأحباء سورية الأسد أن يتساءلوا:
هل كان أحد أهداف الحرب المفروضة على الدولة السورية منذ أكثر من عشر سنوات منع قطار المقاومة من الوصول إلى هذه المحطة الجديدة؟ وهل هذا الوصول المشرّف يضع ورقة قوة إضافية في حساب السوريين وهم يتلهفون لإتمام الاستحقاق الدستوري الخاص بالانتخابات الرئاسية، وقول كلمتهم بصوت جهوري مسموع في السادس والعشرين من أيار الحالي؟.
ومن حق عشاق المقاومة والكرامة والسيادة والدفاع عن الحقوق والمقدسات أن يتساءلوا:
هل أثمر التسابق للتطبيع مع الكيان الصهيوني أوراق قوة جديدة لمحور العدوان، أم أدى إلى العكس، وأيقظ الضمائر والوعي المجتمعي الحريص على التمسك بمقومات الهوية والانتماء؟.