كتاب الموقع

طارق البيطار بين النزاهة وتقمص شخصية ديتليف ميليس .

عمر معربوني | رئيس تحرير موقع المراقب .

لا يختلف اثنان ان الوضع في لبنان يندرج يوماً بعد يوم في خانة التهاوي السريع سياسياً واقتصادياً وأخيراً وليس آخراً قضائياً ، فحجم الإنقسام والتجاذبات القائمة تنبيء بلا ادنى شك بإدخال البلد في حالة الموت السريري ان لم نقل شيئاً آخر لا يتمناه عاقل وان كان عدد العقلاء قد تدنى الى ادنى المستويات .

وانطلاقاً من تربية تربيناها وسيرة مقروءة بوضوح كعين الشمس ومسار اسود شيطاني سلكته اميركا مع منطقتنا ادخلها منذ عقود في اتون الحرب وما ينتج عنها من انقسامات واهوال ودم ودمار ترسخت لدينا قناعة ان كل من تدافع عنه اميركا هو في الحد الأدنى موضع شك وريبة .

قبل الدخول في توصيف الواقع الحالي لما نتج عن انفجار مرفأ بيروت في المسار القضائي لا بد من تعريف واضح لما قبل الإنفجار وبعده ، وطرح السؤال المنطقي في اتجاهين اثنين والسؤال قبل تحليل الإتجاهين هو من المستفيد ؟ وفي البديهيات يبقى السؤال الأهم من استقدم النيترات ومن سهّل ابقاءها وتخزينها ولماذا بقيت طول هذه المدة الطويلة في مرفأ بيروت رغم ان مخاطر ابقاءها لا يحتاج الى عباقرة لكشف مدى خطورتها وكيفية التعامل معها وما يترتب على ذلك من إجراءات طبيعية خصوصاً ان الكمية التي قيل انها 2750 طن بدرجة ازوت تتجاوز ال 34 % ما يعني انها صالحة للإستخدام كمواد متفجرة والتي انفجر منها بحسب التقارير الصادرة عن التحقيقات اللبنانية والأجنبية ما لا يتجاوز 750 طناً فقط .

في الإتجاه الأول :

يمكننا انطلاقاً من منطق الصراع القائم بين لبنان والكيان الصهيوني الجزم بأن المستفيد من انفجار مرفأ بيروت هو الكيان الصهيوني نظراً لما يشكله مرفأ بيروت من بوابة عبور الى أوروبا بما يتعلق بطريق الحزام والطريق ( طريق الحرير ) من الصين الى أوروبا ، خصوصاً ان الكيان الصهيوني بدأ منذ سبع سنوات بالتحضير لمشروع ” سكّة السلام ” الذي طرحه وزير النقل الصهيوني منذ سنوات للربط بين مرفأ حيفا ومرافيْ الإمارات العربية المتحدة كبديل عن خط ايران – العراق – سورية ولبنان ، وبذلك لا يجب ان تغيب فرضية التفجير بواسطة المخابرات المعادية كاولوية من أولويات التحقيق وهو ما لم يحصل ابداً ، ويبقى اننا كمراقبين ومحللين لا نستطيع طرح الفرضية الا كعنوان طبيعي ومنطقي وعلى المحققين اذا ما كانت هذه الفرضية صحيحة ووُجدت معطيات تشير اليها وتؤكدها ان يتوسعوا فيها ويؤكدوها او ينفوها .

 

الإتجاه الثاني :

وهو الإهمال الوظيفي الذي يركز القاضي طارق البيطار عليه وانتج من خلال الممارسة ازمة سياسية كبيرة يمكن ببساطة القول انها يمكن ان تأخذ البلد الى اتجاهات غير محمودة .

في هذا الإتجاه وهذا ما قلته انا كاتب هذه السطور منذ شهور في اكثر من مقابلة ومقالة ان سلوك القاضي بيطار هو سلوك استنسابي لا يجوز الإستمرار فيه لأنه يضيّع حق الشهداء والجرحى ويخلق ازمة سياسية كبيرة .

وفي امثلة الإستنسابية ما يلي :

  • ادّعى القاضي بيطار على رئيس الحكومة السابق حسّان دياب ولم يطلب حتى الإستماع الى إفادات الرؤساء سعد الحريري وتمام سلام ونجيب ميقاتي التي بقيت النيترات على عهدهم في العنبر رقم 12 .
  • ادّعى القاضي بيطار على الوزير علي حسن خليل ولم يأتي على سيرة الوزير محمد الصفدي كوزير للمالية رغم ان الوزير محمد الصفدي كان وزيراً للمالية منذ 2014 الى 2016 .
  • استدعى القاضي بيطار قائد الجيش السابق جان قهوجي ولم يستمع الى قائد الجيش الحالي العماد جوزف عون .
  • ادعى القاضي بيطار على الوزير نهاد المشنوق ولم يستدعي او يدّعي الوزيرة ريا الحفار الحسن ولا الوزير محمد فهمي وكلاهما كان وزيراً للداخلية منذ 2014 حتى تاريخ الإنفجار .
  • لم يستدعي القاضي بيطار او يدعي على أي من وزراء العدل والقضاة رغم ان من اعطى الأوامر بانزال النيترات هم قضاة وليس وزراء او موظفين .
  • وهناك الكثير من الأمثلة عن الإستنسابية يمكن الإستعانة بها على مستوى الموظفين والمدراء العامين والقضاة وغير ذلك .

امام هذا الوضع والإستنسابية القائمة إضافة الى تجاوز القاضي بيطار مجموعة الضوابط والقوانين التي لا تجيز له الادعاء على وزراء ونواب لإتهامهم ومحاكمتهم الا عبر محاكم متخصصة يمكن القول ان هذا السلوك وهذا المسار هو مسار غير مهني وفيه الكثير من الإستنسابية وعد التعاطي بموضوعية وعدل مع ملف بخطورة مرفأ بيروت مع ما يمكن ان تنتجه هذه الإستنسابية من أزمات قد تصل في ظل الإنقسان السياسي الحالي الى حدود الإحتكاك الشعبي في ظل دعوات ازلام اميركا لتحركات شعبية مسيسة بعيدا عن منطق العدل في التعاطي مع ملف بهذه الخطورة .

ختاماً لا يمكن لمحلل موضوعي وعاقل الا ان يتذكر المسار الذي سلكته المحكمة الدولية في زلزال استشهاد الرئيس رفيق الحريري والمظلومية التي لحقت بالضباط الأربعة واتهام سورية وتبرئتها ومن ثم اتهام حزب الله وإدانة احد عناصره بالاستناد الى ادلة لا يمكن الإعتماد عليها كدليل وحيد وهي داتا الاتصالات التي يمكن تقنياً اللعب بها والتحكم بها .

حضرة القاضي بيطار : كن عادلاً وموضوعياً ولا استنسابياً فالبلد لا يتحمل ولا تكن كالمحقق ديتليف ميليس الذي سلك مساراً مشابها لمسارك الحالي في الإستنسابية والإتهام السياسي فبين يديك قضية بلد وليس فقط قضية شهداء الإنفجار المريع والدمار المهول الذي لحق بعاصمتنا بيروت .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى