تحت عنوان “إبداعات حزب الله في استخدام سلاح ضد الدروع” في حرب تموز 2006، خلص تقرير بحثي لمعهد “جايمس تاون” للدراسات الأمنية وشؤون مكافحة الإرهاب الى أن “أحد أهم الجوانب التي ينبغي التحقيق فيها في الجانب الإسرائيلي هو الخاصرة الضعيفة للفيالق المدرعة في مقابل الأسلحة المضادة للدروع المتميزة بصغر حجمها وسهولة نقلها وسبل توجيهها”، متحدّثًا عن “إبداع حزب الله في استخدامه سلاحًا ضد الدروع كان السبب وراء معظم الخسائر الإسرائيلية، كما أنه أعطى لهذه الأسلحة الصغيرة، لكن الفعالة، أهمية جديدة في مجال التكتيك الميداني”.
“الميركافا” أو “عربة الرب” بحسب التسمية الاسرائيلية، تحوّلت في تموز 2006 الى “باب جهنّم” فتحته وحدات ضد الدروع في المقاومة الاسلامية على الاسرائيليين. “في الوعي الاسرائيلي دبابة الميركافا لا يمكن هزيمتها مقابل أي سلاح في العالم العربي”، يشرح الضابط في سلاح “ضد الدروع” في المقاومة الاسلامية جهاد لموقع “العهد” الاخباري: “في مقارنة فيزيائية أو مادية لا يوجد ابان الاحتلال سلاح قادر من حيث الصفات الفنية على اختراق دبابة المركافا في الجيوش العربية، فمثلًا لم يكن سابقًا لدى مصر سوى “ماليوتكا” و”هوت”، وسوريا لم يكن لديها سوى “فاغوت” و”ماليوتكا”، وفي لبنان شاهدنا “الميركافا” لأول مرة على الارض اللبنانية عام 1982، وكانت من الجيل رقم واحد”.
* “الميركافا” هاجس الجنوبيين
من الثمانينيات وحتى التسعينيات، لعبت “الميركافا” دورًا أساسيًا في حماية جنود العدو وتعزيز مواقعهم في جنوب لبنان؛ فالموقع اللحدي الذي كان يبلغ ارتفاعه مترين في أول أيام الاحتلال بات ارتفاعه 12 مترًا. وفي فترة زمنية قصيرة، كان العدو قد طوّر كل منظومته الدفاعية عند الحدود، ثم جاءت دبابة الميركافا لتحمي هذا الانتشار، واستطاعت أن تتحوّل الى هاجس ومصدر خوف وقلق حتى للمدنيين في الجنوب.
* الكمين الأوّل للميركافا.. ودمغة علاء البوسنة
يستذكر ضابط “ضد الدروع” جهاد مع موقع “العهد” الاخباري أوّل دبابة ميركافا دمّرتها المقاومة: “باتت دبابة الميركافا هاجسًا حتى لبعض فصائل المقاومة الفلسطينية في ذلك الحين، وكنا نحن امام سؤال كبير “ماذا نفعل؟”. لم نكن نملك المعرفة الكافية ولا التجربة، كنا نحاول أن نتحايل بما لدينا من قدرات، واستطعنا تدمير عدد من دبابات المركافا. أوّل عملية تدمير كانت في كمين أعدّته المقاومة في قلب بيت ياحون، وكان الشهداء علاء وملاك وعلي طعمة على مسافة 15 مترًا من دبابة “ميركافا”. الكمين كان في مكان والدبابة في مكان، وكان يُفترض أن تنقضّ قوّة على الدبابة لتأسر وقوة أخرى تقوم بالعزل، فقُلبت الأدوار لأن الدبابتين مرّتا بترتيب آخر، عندها اقترب الشباب واشتبكوا. كان علاء البوسنة والشهيد “ملاك” – صلاح غندور بمقابل الدبابة الاولى”.
لا يخلو الكمين بما يتخلله من قذائف واشتباك من الضحك، بابتسامة شغوفة يروي لنا: “الشهيدان صلاح غندور (ملاك) وعلي طعمة (سراج) رميا قذيفة (B7) باتجاه الدبابة، حينها كان علاء البوسنة يرمي على الدبابة ولكن بأي سلاح؟ بسلاح الـ”m16″، فتهاجمة الدبابة ليقوم بإخفاء نفسه منخفضًا الى الأرض، وبقي على هذه الحال ربع ساعة، الى أن اختفت الدبابة من أمام الحاج علاء، فنادى زميله قائلًا “بلعتها الارض للدبابة”. زميل الحاج الذي قابل العبارة بابتسام ربّت على كتف الحاج علاء ناصحًا اياه بأخذ قسط من النوم (لم يكن قد خلد الى النوم لثلاثة أيام سبقت الكمين)، ليتبين لاحقًا أن الدبابة وخلال تراجعها الى الخلف لم “تبلعها الأرض” انما وقعت في بركة بيت ياحون وسقط 3 قتلى من الجنود الصهاينة.
* الى الجمهورية الاسلامية: الميركافا هي الهدف
قرار المقاومة الاسلامية في ذلك الوقت كان حاسمًا بضرورة ايجاد حل للـ”ميركافا”. وكانت الجمهورية الاسلامية هي البوصلة. هناك، تدرّب المقاومون على سلاح الـ”ماليوتكا” و”التاو” وغيرهما. عام 1992، كان هدف المقاومة واحدًا، كسر دبابة الـ”ميركافا” بعدما استخدمها العدو وسيلة لمنع عمليات المقاومة. ولأكثر من عام، كانت الأهداف العسكرية الاسرائيلية تحت أعين المقاومين، لكن القرار كان فقط باستهداف الـ”ميركافا”.
يقول الضابط جهاد: “في عام واحد تحوّلت نقطة الضعف الى قوة، وكان لقبضة الـ”ماليوتكا” دور كبير في تأمين المجاهدين خلال عملياتهم وتوفير حرية العمل باتجاه الشريط الحدودي، وكانت تلك أوّل عناوين الانتصار مقابل دبابة الميركافا”.
وفي استعادة لبيانات المقاومة الاسلامية في تلك الحقبة، يتبين أن أول “ميركافا” دمّرها المقاومون بقبضة “ماليوتكا” كانت على طريق طلوسة في 2 آذار 1993، وجاء في البيان: “المقاومة الاسلامية استهدفت دورية مؤللة لقوات العدو على طريق عام مركبا – طلوسة مما ادى الى تدمير دبابة ميركافا واحراقها بالكامل وسقوط جميع من فيها بين قتيل وجريح، وقد اعترف ناطق عسكري صهيوني بالعملية وتكتم كالعادة على الخسائر. الا ان حجم هذه الخسائر بدا واضحاً من خلال الرد الهستيري للعدو وعملائه والذي تمثل باستهداف القرى المحررة والمحاذية للشريط المحتل بالقذائف المدفعية”. وقد أقر حينها أحد المسؤولين الصهاينة بأن “استخدام حزب الله لهذا النوع من الأسلحة سيشكّل تهديدًا فعليًا لجنودنا”.
* سلاح الــ”ماليوتكا”
سلاح “ماليوتكا” الذي أهان الـ”ميركافا” في أوائل التسعينيات صمم عام 1953، وهو سلاح بحاجة الى حرفية عالية، ويستخدم يدويًا، وهو ليس سلاحًا ذكيًا.
دبابة دبابة يحفظها الضابط في سلاح ضد الدروع في المقاومة، وعن ظهر قلب، يخبرك عن تاريخ تدمير كل منها: “الميركافا الثانية التي تم تدميرها بالماليوتكا كانت على طريق دير سريان – علمان الشومرية. رميت الدبابة بينما كان أحد الاخوان يصوّرها مع السنتريوم التي كانت تحمل 5 جنود تطايروا جميعًا”. من هنا انطلقت المواجهة الفعلية مع الميركافا وبدأ صراع الادمغة. يقول: “بعد ضرب دبابة في الصالحاني أنشأ الاسرائيلي لجنة لتطوير حماية الميركافا، وبدأ فعليًا بفكرة الدرع الردّي، ثم أنشأ لجنة تحقيق ثانية لدراسة إجراءات أخرى. أكثر الاجراءات التي قام بها العدو على الحدود كانت اجراءات مقابل الصواريخ لمنعها من استهداف دبابة ميركافا. ولكن بالنسبة إلينا كان المطلوب هزيمة الوعي، كنا نستدرجهم في كثير من الأماكن، وكنا نستطيع سماعهم، يقول الجندي منهم للآخر “ما تظهّرها ناطرينك”. نعم باتت الدبابة بالنسبة لنا الفرصة التي ننتظرها، وبالنسبة للإسرائيلي كانت كالصياد المتخفي ولا يجرؤ على الظهور”.
لم يكن جميع المبدعين في صيد الميركافا من المجاهدين من أصحاب الشهادات والدورات، لكنهم امتلكوا الارادة والنية. عام 1996 بدأ العدو باستخدام تقنيات أخرى، فأبقى على دبابة الميركافا ولكن أدخل السلاح المضاد للدروع الى بعض المواقع للتصدي للمجاهدين. اما الميركافا، فبات الاسرائيلي يحصر استخدامها في الليل لأن قدرات المقاومة كانت محدودة ليلا في هذا المجال. ماذا إذًا عن صيد ميركافا ليلًا؟
يجيب الضابط في سلاح “ضد الدروع”: “أول دبابة ميركافا رميناها ليلًا، لم يكن لدينا شك في أن الله رماها؛ كانت الوسائل بسيطة جدا جدا جدا، عبارة عن منظار ليلي على القبضة نصفّره على النجمة. كانت نقطة الاعتماد لدينا وفق النجوم لعدم توفر وسيلة تحديد الاتجاهات. هكذا رمينا اول دبابة ميركافا بالدبشة ليلا، بقبضة بدائية وبصاروخ ليلي. وبعد رمي أول دبابة عند الثالثة ليلًا جُنّ الإسرائيلي. في تلك المرحلة حققنا هدف كسر الميركافا، وانتقلنا الى الهدف التالي، وهو قتل الجنود. لم نعد نرمي على الدبابة، بتنا نستهدف الدوريات على الحدود”.
* الروحية بمواجهة الميركافا
واجهت دبابة الميركافا بحسب الضابط جهاد “روحية وإبداع الشباب، حتى أننا لمسنا الميركافا فيزيائيًا. مستوى الشجاعة التي امتلكها شبابنا بالمقاومة مكنتنا من ذلك. كان بلال عدشيت وعلاء البوسنة يتخفّيان في احدى العمليات في الدبشة بعد كشفهما بالميركافا. يسيران الى جانبها تمامًا. تمكّن مجاهدو المقاومة الاسلامية من كسر هذا الوعي، وتحطيم مقولة إن دبابة الميركافا هي الحامية. وفي كثير من الأماكن كنا نشاهدهم يغادرون الدبابة بعد سقوط صاروخ قريب منها. كانوا يتركونها ويفرون”.
يستعيد الضابط مشهدًا من مشاهد سهل الخيام في تموز 2006: “بسهل الخيام، علقت احدى الدبابات في خندق خلال هروبها بعد اصابة 4 غيرها، فقفز الطاقم منها وانتقل الى أخرى وفر هاربًا، ولم يتجرأوا على العدودة لسحبها الا في ساعات وقف اطلاق النار”.
في المرحلة الثالثة من التطوير، بدأ العدو يدخل تعديلات تقنية على دبابة الميركافا، فأدخل الدرع الردّي. يشرح الضابط في سلاح “ضد الدروع” في المقاومة الاسلامية أن “الدرع الردي عبارة عن صفائح متفجّرة، تنفجر لدى تعرضها لصاروخ فتمنع الاختراق، ثم صنعوا لها رأسين، فما الذي قمنا به؟ واجهنا الدرع الردّي من خلال إما تكرار الرمي على نفس النقطة، أو وضع أكثر من سلاح لنفس النقطة، وهذا أحدث مشكلة كبيرة للعدو. كل هذا كان بالأسلحة البدائية، وجاء التحرير عام 2000 وقد خرجت منه الميركافا مهزومة، وبدون أي لبس أو نقاش. جاء العدو بدبابة الميركافا لتحميه ولتقاتل، لكنها كانت عبارة عن تابوت لجنود العدو. وبعد التحرير بدأنا التخطيط للحرب الواسعة”.
* ماذا عن الميركافا في مرحلة 2006؟
بحسب الضابط جهاد “دخل العدو بالـ2006 وكانت الميركافا هي رأس السهم وحصل ما حصل. أستطيع أن أقول بقوة إن الـ2006 كان باكورة نظرية عدم التعويل على الميركافا في الحرب القادمة بالنسبة للعدو، أما بالنسبة لنا فقد أعطنا قناعة أنها أسهل سلاح يمكن التعاطي معه في حال حسّنت وسائلك.
الميركافا 401 أو الجيل الرابع كانت خردة مهزومة في 2006 والى اليوم – يقول الضابط في ضد الدروع – “انا مسؤول عن كلامي، لم يغيّر العدو فيها شيئًا، وكل تطور نلمسه عند العدو نقرأه نحن على أنه ضعف، لأن كل هذه القدرة المرتبطة بالنار ثم النار ثم النار والجندي مختبئ تحتها، لا تعني شيئا، هذا دليل أنك مهزوم. عندما تطوّر الصاروخ والطائرة والقذيفة والرادار و.. كل هذا جميل، لكن في الترجمة العملية من سيدخل ليقاتل على الارض هو الجندي. خلاصة القول، تم التسويق للميركافا لغاية محددة، فقام حزب الله بضربها وإلغاء هذه الغاية وعلى العدو البحث عن خيارات أخرى.
* التروفي.. درع وهمي
“التروفي” هو نظام الدفاع الايجابي. يسأل الضابط في سلاح ضد الدروع جهاد في حديثة لـ”العهد”: “لماذا يطور الاسرائيلي ويعيد النظر باستخدام الدبابات؟ لأنها لم تعد صالحة بمواجهة حزب الله؟ ماذا قال العدو عام 2006؟ اسمعوا جيدًا، عام 2006، قال العدو إن استخدام الدبابات لم يكن وفقًا للمقرر أو للمنظم. أريد أن يسمع العدو كلامي جيدًا، هو يقول إن لديه أفضل عقيدة قتالية لسلاح المدرعات ولكن الجنود والضباط لم يستخدموا هذه العقيدة في نطاق المعركة، وأنا أسال هل في الحرب القادمة ومع ما حضرنا له وما حضرتم له، هؤلاء الجنود سيستخدمون هذه العقيدة؟ أنتم زرعتم في عقول جنودكم أن الحماية تكون بواسطة “التروفي” ومشتقاته. أنت أيها الضابط عندما تعوّل على هكذا تقنية ثم تتعطل في الميدان بماذا ستجيب جنودك؟”.
بثقة المجرّب يتوعّد الضابط في سلاح “ضد الدروع” في حزب الله: “أما نحن فلا نعول على السلاح إنما نعول على المجاهدين الذين يشتاقون لهذه اللحظة وقد بنوا روحيتهم على هذا الاعتبار واعتبروا أنهم مقصّرون في زيارة عاشوراء، وأن المكان الحقيقي لإظهار هذا التقصير هو في الميدان. هذه ليست مجرد معنويات بل هذا نحن”.
مجزرة الدبابات التي أذلت جيش العدو الاسرائيلي لم تكن بالنسبة للضابط المذكور سوى بعض مما أراد أن يذيقه للعدو. هنا يستعيد مقولة سبق أن كررها أمام الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله “حرب 2006 كانت فرصة ذهبية لا تعوض، قلتها لسماحة الامين العام، كانت فرصة لن تعوّض، كان من الـ”حرام” أن تخرج دبابة من الجنوب، كانت أمامنا 400 دبابة وكان يجب أن تدمّر جميعها، لكننا قاتلنا العدو على عجل، لقد قمنا بنشر “الكورنيت” بعد 7 ايام من الحرب، لو كان هناك انتشار مسبق لكنا ضربنا الـ400 دبابة”.
ويضيف: “نحن في 2006 لم تكن مفاجأتنا بتدمير الكورنيت دبابة الميركافا، بل كانت المفاجأة في أن الكورنت يدمر الدبابة قبل أن تدخل نطاق الاشتباك أي قبل أن تصل الى نقطة الخطر. المفاجأة كانت في المدى، وحتى اليوم، لا زال سلاح الكورنت السلاح المقلق للجيش الاسرائيلي، وكل الاجراءات التي اتخذها العدو ليست اجراءات وافية”.
* عن بلال عدشيت ورفاقه
عند الحديث عن المجاهدين وروحيتهم العالية وارادتهم الصلبة، يسهب الضابط في سلاح “ضد الدروع” في الشرح والوصف، وكأنما وصل الى الفقرة التي يهوى: “بعض الاخوة الذين رموا الميركافا في حرب 2006 كانوا من التعبئة، كانوا يستهدفون الدبابة وعندما يحاول الاسرائيلي سحبها يتعرّض للرمي مجددًا. أذكرهم جميعًا، أذكر كم صاروخًا رمينا على العدو في 2006، وأذكر كل أخ رمى وكم قبضة رمت وكم دبابة أصيبت ومن هم الذين رموا وأين، وأعتقد أن هذا أقل الواجب”.
وبالحديث عن الميركافا، لا بد من وقفة مع بلال عدشيت، الذي ارتبط اسمه بالميركافا وبتجربته. يقول الضابط جهاد “بلال حالة نادرة، يحب العمل ولا يتركه حتى ينتهي مما كُلف به. هو لا يعرف الفشل ولا يستطيع أن يعود خائبًا. لقد قتل باعتراف الاسرائيلي 48 جنديًا اسرائيليًا. أنا دونتهم في كل موقع، موقعا موقعا، بلال العزية، بلال القلعة، بلال الدبشة، بلال سجد،بلال الريحان…”.
في وادي الحجير، كانت هناك مآثر لبلال لا ينساها الضابط في المقاومة. في وادي الحجير، رمى بلال مرة أولى فضرب الإسرائيلي مصدر الرمي، ثم انتقل بلال الى مكان آخر، وهكذا بقي “يلاعب” الاسرائيلي من منطقة الى أخرى، حتى قرر الاسرائيلي أن يحصر تحركه في فترة الليل، لكن بلال كان له بالمرصاد أيضًا، كالشبح: “أوجد بلال حلًا ابداعيا، لم يتعلمه لا في الدورات ولا في الكتب، لا في الكراسات، ولا هو موجود في كل الأسس النظامية، وجد بلال حريقًا، فاستقدم قبضة الى جانب مكان الحريق، (الحريق ليلا يعطل المراقبة بالحراري)، وصار يرمي من جانب الحريق، ولم يكشفه الاسرائيلي.. هذا هو الابداع”.
لكن العدو بقتله بلال لم يتمكن من هذه القوة، بحسب الضابط “بلال خلّف أكثر من بلال، فهو كان أحد أبرز العناوين، والى جانبه هناك إبداعات مهمة للاخوة عام 2006؛ فالأخ الذي ضرب الدبابات في سهل الخيام كان يبلغ من العمر 50 عامًا، وكان قد أجرى عملية قلب مفتوح. حمل القبضة مسافة تقارب 500 الى 700 متر، وضع القبضة في الأرض.. استراح قليلاً، ثم بدأ بدك الدبابات. كذلك كان الشهيد ربيع قصير – شقيق الاستشهادي أحمد قصير – واحدًا من عناوين الشجاعة..”.
* الأولوية للمبادرة
للقائد دور كبير في الحرب، في التوزيع وفي القيادة، وفي معرفته الدقيقة بالجغرافيا: “في 2006 اتصل بي أحد الاخوة ليقول انهم سمعوا جنود العدو من خلال التنصت يقولون انهم سيخرجون من المكان الفلاني، فضحكت.. قال لي لماذا تضحك؟ قلت لأني أنتظرهم هناك منذ 7 أيام.. نحن نقرأ العقل الاسرائيلي”.
كذلك لدى الأفراد، لم يكن الامتياز للعمر أو التجربة، بل لعنصر المبادرة: “أحد الشهداء على محور الغندورية، استمر برمي الدبابات حتى وصلت الى قربه، وعندما وصلت، جلس على “التتخيتة”، وفجّر اللغم فور دخول الاسرائيلي الى البيت وهو جالس في “التتخيتة””.
* عملية الأسر
كان لسلاح ضد الدروع خلال حرب تموز 2006 دور خفي في انجاح عملية الأسر في خلة وردة: “في عمليات الاسر، نزرع عبوة ونوقف الآليات، لكن في عملية الأسر في خلة وردة كان الشريط في الطريق الذي يمر فيه الاسرائيلي داخل الخط، عندها طُلب من ضد الدروع القيام بمهمة ايقاف الآليات، فأرسلت بلال ليستطلع، وكانت الفكرة.. عندما طلب الاخوان ايقاف الهامرَين، ذهبنا الى فكرة ابداعية، فالطلقة عادة اما تصيب واما لا تصيب، وكذلك القذيفة، فكيف كنا سنضمن اصابتنا لمنطقة القتل؟ حولنا كل مدفعين الى مدفع واحد، وكل 2 B7 الى B7 واحد، واستخدمنا بوجه الهامر اثنين B7 وبالتالي أطلقنا ست طلقات، أصابت منها طلقتان الهدف خلال عملية الأسر هما اللتان أوقفتا الهامر. بلال ورفاقه الذين قاتلوا في الحرب شاركوا في عملية الأسر..”.
* في الحرب المقبلة: مطمئنون والعدو مهزوم حتمًا
يقول الضابط في سلاح “ضد الدروع” لـ”العهد”: “في الناحية الفنية، من الواضح أن السلاح عندما يدخل أي معركة فإنه يُبنى عليه في المعركة القادمة بناء على المعركة التي حدثت، وهذا ما حصل عام الـ 2006. في المعركة القادمة يعتبر العدو أن هذا السلاح هو التهديد الأساسي، وما قام به العدو حتى الآن هو أنه أوجد نظام الدفاع الايجابي، وهو عبارة عن نظام ذكي، نظام رادار يستشعر الصاروخ وعند وصول الصاروخ الى مدى قريب من الدبابة تنفجر عبوة على الدبابة ويتشتت جهد الصاروخ. هذا النظام بالنسبة لي سيكون هشًّا، والدليل على ذلك أنه ليس كل ما يصلح في بيئة نظيفة يمكن أن يصلح في الميدان (في المعركة).. الخلاصة أننا مطمئنون”.
بكامل الثقة يجزم الضابط جهاد لموقع “العهد” الاخباري: “لدي ثقة بأن العدو مهزوم، لأنه بهذه التقنية سيعوّل على أن الدبابة ستدخل ميدان المعركة. اعتمادهم هو على وسائل تقنية، والتالي فإن العبر التي استخلصها العدو عام 2006 لم تكن كافية. ما حصل عام 2006 كان نصرًا وقّعه ضد الدروع بشهادة الامين العام. ولكن، هذه ليست شهادة حسن سلوك انما هذه مسؤولية شرعية تحتّم علينا مسؤوليات أكبر”.
“العهد” – شكر خاص للإعلام الحربي في المقاومة الاسلامية