يروي ضابط المخابرات الأمريكية الشهير مايلز كوبلاند، صاحب الكتاب الأشهر “لعبة الأمم”، والذي شارك في عملية Ajax الانقلابية على الدكتور مصدق في إيران 1953، والترتيب لانقلاب حسني الزعيم في سورية 1949، الحكاية التالية التي جرت أحداثها في بيروت، خلال الأيام العصيبة لأزمة كميل شمعون، وثورة 14 تموز 1958، في العراق:
بدأت الحكاية عندما دخلت ابنتي “ليني”، وكانت في السابعة أو الثامنة من العمر، قفص العصافير في حديقة منزلنا في بيروت ووجدت ببغاءها “أوسكار” ميتاً. علا صراخها ونحيبها وراحت تلطم الجدران برأسها حتى قمت لأستدعي طبيباً يهدئ نوبتها الهيستيرية بالمسكنات.
ولكن خطرت لي فكرة أفضل. اخذتها من يدها الصغيرة وذهبت بها إلى الشرفة المطلة على البحر وجلسنا على الأرجوحة. بصوت ملؤه الحنان حاولت ان أضع الكارثة في اطارها الصحيح، فبدأت بالقول: اسمعي ياليني، ليست هذه نهاية العالم، فأشياء كهذه تحدث لنا أيضاً لأن الموت من حقائق الحياة. دعيني أقول لك ما سنفعله، سأدعو آغوب النجار ليصنع له نعشاً صغيراً تفرشه أمك بقطعة من الحرير، ثم ندعو الكاهن الأب بيار ليتلو صلاة قصيرة، ثم نضع اوسكار في النعش، وندعو أصدقائك إلى حفلة لوداعه نقدم فيها المثلجات والمنعشات والحلوى.. ونضع النعش وفيه اوسكار الصغير في أحد قواربك الصغيرة، ونقف نحن عند الشاطئ نغني ونلوح له فيما القارب يبتعد في البحر.. سيكون ذلك مأتماً كمأتم أبطال الڤايكنغ القدماء، أليس كذلك؟!
كان اعجابي ببلاغتي قد تملك مني فيما ليني تصغي لكل كلمة أتفوه بها عندما سمعنا صوتاً غريباً خافتاً ينبعث من القفص. نهضنا عن الأرجوحة وتوجهنا إلى مصدر الصوت الآخذ بالارتفاع فوجدنا أوسكار واقفاً على ارجوحته ينقر ريشه. وقفنا مشدوهين لبضع ثوان ثم نظرت ليني إلي وقالت بحماس: “دعنا نقتله”!
مغزى الحكاية: قتل الببغاوات عندما يكون ذلك أكثر مدعاة للتسلية من زعيقها، هو من النزعات الراسخة للسي آي إي، و #لقمان_سليم لن يكون آخرها.
علي شكري