صيدا تصوّب البوصلة – قناة العالم الاخبارية
العالم-مقالات وتحليلات
لكن السياق السياسي الراهن يجعل الموقف الاحتجاجيّ الفاعل الذي عطل زيارة السفيرة الأميركية إلى بلدية صيدا ذا قيمة مختلفة، والإعلان عن إلغاء الزيارة من السفارة الأميركية لا تعوّضه صورة للسفيرة من القلعة البحريّة في ظل العواصف لمجرد القول إنها قبلت التحدّي وهي تعلم أن التحدّي كان ينتظرها وهربت.
قيمة الحدث بزاويتين جديدتين، الأولى أنه في زمن العقوبات الأميركية وانقسام الوسط السياسيّ بأغلبيته بين نصفين، نصف يتأقلم مع السياسات الأميركية ونصف يتفادى الظهور في الصفوف الأمامية للمواجهة، هذا بمعزل عن الذين يمثلون فرق التطبيل والتزمير للسياسات الأميركية، والاعتقاد السائد بأن الذين يقفون خارج كل ألوان هذا السياق جذرياً هم حكر على لون عقائدي يتوسطه حزب الله، فتأتي المدينة الجنوبية التي كانت دائماً تمنح المقاومة بعدها الوطني والقومي بانتمائها الطائفي المختلف لتؤكد موقعها كعاصمة للمقاومة وتُعيد الكرة وتقول إن ليس للمواجهة مع السياسات الأميركية لوناً طائفياً.
الزاوية الثانية هي أن الذين قادوا الحراك بوجه السفيرة الأميركية لا ينتمون الى الخط العقائديّ الذي يمثله حزب الله، أي الخط الإسلامي، بل إنهم لا ينتمون الى أي من المجموعات الحزبية الكبرى التي تتصدّر المشهد الصيداوي، فالمجموعة التي نظمت التحرك هي مجموعة يساريّة قوميّة من الحزب الديمقراطي الشعبي الذي يمتلك في صيدا قاعدة نضالية متجذّرة وله حضور مميز في الحراك الصيداوي الذي مثل حضور صيدا في انتفاضة 17 تشرين ومن حوله مجموعات يسارية بعضها ينتمي للحزب الشيوعيّ وبعضها للتنظيم الشعبيّ الناصريّ.
نموذج حراك صيدا كما ظهر أمس يصوّب البوصلة الوطنية، في الرسالة التي يحملها للأميركيين، الذين ربما توهّموا أنهم نجحوا بترويض النخب اللبنانية والشباب اللبناني وهم يستقبلون عشرات نشطاء جماعات المنظمات «المدنية» طالبة التمويل، ومثلهم من الساسة التقليديين، وكذلك يصوّب الحراك الصيداويّ البوصلة في شأن الحراك نفسه فيقدّم نموذجاً لقيادة شعبيّة ميدانيّة فاعلة في الحراك تدرك حجم الترابط بين النضال لأجل التغيير وبين التمسك بخيار المقاومة.
المصدر: البناء
الكاتب :
الموقع :www.alalamtv.net
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2020-12-17 18:12:43
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي